للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى مالكه من غير إتلاف مال الغاصب على قُربٍ من الزمان، فلم يجز إتلافه، كما لو غصب سفينة، فحمل فيها متاعه، وأدخلها لُجَّة البحر، لا يُجبر على إلقائه، فكذا هنا، صيانة للمال عن التلف، وفارق الشجر لطول مدته.

وحديث: "ليسَ لعرقٍ ظالمٍ حقٌّ" (١) محمولٌ عليه؛ لأن حديثنا في الزرع، فيحصُل الجمع بينهما.

و (يُخيَّر) مالكُ الأرض (بين تَرْكه) أي: الزرع (إلى الحصاد بأجرته) أي: أجرة مِثْله، وأرش نقصها إن نفصت (وبين أخذه بنفقته) لأن كل واحد منهما يحصُل به غرضه، فملك الخيرة بينهما تحصيلًا لغرضه (فيرد) المالك -إن اختار أخذ الزرع- للغاصب (مثل البَذْر، وعوض لواحقه، من حرث وسقي، وغيرهما) لقوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث السابق: "ولهُ نفقتُهُ" قال الإمام (٢): إنما أذهب إلى هذا الحكم استحسانًا على خلاف القياس. وظاهره: ولو كان عمل الحرث ونحوه بنفسه؛ لأن


= وصوابه: "أمَتَه"]، ورمكته، وناقته، فهذا محض القياس، لو لم يأت فيه حديث، فمثل هذا الحديث الحسن الذي له شاهد من السنة على مثله -وقد تأيد بالقياس الصحيح- من حجج الشريعة.
وقال أبو حاتم الرازي كما في العلل لابنه (١/ ٤٧٦) عن حديث ظهير: وهذا يقوى حديث شريك.
(١) تقدم تخريجه (٩/ ٢٠٤) تعليق رقم (١).
(٢) العدة لأبي يعلى (٥/ ١٦٠٥)، والتمهيد لأبي الخطاب (٤/ ٨٧)، والمغني (٧/ ٣٧٨)، والشرح الكبير مع المقنع والإنصاف (١٥/ ١٣٨)، وبدائع الفوائد (٤/ ١٢٤). وانظر: مسائل الكوسج (٦/ ٢٢٨٦) رقم ١٨٩٣، ومسائل أبي داود ص/ ٢٠٠، وكتاب الروايتين والوجهين (١/ ٤٢٠)، والجامع الصغير ص/ ١٨٠، والتمام (٢/ ٧٥).