للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(رحاب المساجد المتسعة غير المحوطة) لأن له في ذلك اجتهادًا من حيث إنه لا يجوز الجلوس إلا فيما لا يضرُّ بالمارَّة، فكان للإمام أن يُجْلِس فيها (ما لم يُضيِّق على الناس، فيحرم) عليه أن يُجْلِس من يرى أنه يضرُّ بالمارة.

(ولا يملك ذلك المُقْطَعُ، ويكون) المقطع (أحقَّ بالجلوس فيها) بمنزلة السابق إليها بلا إقطاع، لكن لا يسقط حقُّه بنقل متاعه، بخلاف السابق (ما لم يَعُد الإمام فيه) أي: في إقطاعه؛ لأنه كما أن له اجتهادًا في الإقطاع، له اجتهاد في استرجاعه. وعُلم مما تقدم: أن رحبة المسجد لو كانت محوطة لم يجز إقطاع الجلوس بها؛ لأنها من المسجد.

(فإن لم يقطعها) أي: الطريق الواسعة، ورحاب المسجد غير المحوطة (الإمام) أحدًا (فلمن سبق إليها الجلوسُ فيها بغير إذنه) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "مَن سبقَ إلى ما لم يَسبِق إليهِ مسلمٌ فهو أحقُّ به" (١). واتفق أهل الأمصار في سائر الأعصار على إقرار الناس على ذلك من غير نكير (٢)، ومحله ما لم يضيق أو يضرَّ بالمارة (ويكون) السابق إليها (أحقَّ بها؛ ولو ليلًا، ما لم يَنقل متاعه عنها) لما سبق.

(وإن أطال الجلوس فيها، أُزيل) لأنه يصير كالمتملك، ويختص بنفع يساويه فيه غيره، وإن قام وترك متاعه لم يجز لغيره إزالته، وإن نقل متاعه كان لغيره الجلوس فيها، ولو لم يأت الليل.

(وإن) نفل متاعه لكن (أجلس غلامه، أو أجنبيًّا؛ ليحفظ له المكان حتى يعود، فهو كما لو ترك المتاع فيه) فليس لغيره الجلوس فيه.


(١) تقدم تخريجه (٤/ ٤٤٣) تعليق رقم (٣).
(٢) المهذب للشيرازي (٣/ ٦٢١)، والمغني (٨/ ١٦١).