للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

(و) يجب (على الإمام حماية من هادنه من المسلمين وأهل الذِّمة) لأنه أمَّنهم ممن هو في يده وتحت قبضته، فلو أتلف أحد من المسلمين أو أهل الذِّمة عليهم شيئًا، فعليه ضمانه (دون غيرهم، كأهل حربٍ) فلا يلزم الإمام حمايتهم منهم، ولا حماية بعضهم من بعض؛ لأن الهُدنة التزام الكفِّ عنهم فقط (فلو أخذهم) أي: المهادنين غير المسلمين، وأهل الذِّمة (أو) أخذ (مالهم غيرهما حَرُم أخذنا ذلك) بشراء أو غيره؛ لأنهم في عهدنا.

(وإن سباهم كفارٌ آخرون، أو سَبَى بعضُهم بعضًا، لم يجز لنا شراؤهم) لأن الأمان يقتضي رفع الأذى عنهم، وفي استرقاقهم أذًى لهم بالإذلال بالرِّق، فلم يجز؛ كسبيهم، والواحد كالكل، ولا يلزم الإمام استنقاذهم.

(وإن سَبَى بعضُهم ولد بعض وباعه، صَحَّ) كبيع حربي ولده (ولنا شراء ولدهم وأهليهم) منهم، أو ممن سباهم (كحربي باع أهله وأولاده) بخلاف الذِّمي، وقد ذكرت كلام ابن نصر الله -وأن ذلك ليس ببيع حقيقة؛ لأنهم ليسوا أرقاء قبلُ، وإنما يصيرون أرقاء بالاستيلاء عليهم كالسَّبي - في "حاشية المنتهى".

(وإن خاف) الإمام (نَقْضَ العهدِ منهم بأمارة تدلُّ عليه، جاز نبذُه إليهم بخلاف ذِمَّةٍ) فيقول لهم: قد نبذتُ عهدكم (١) وصرتم حربًا؛ لقوله تعالى {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيهِمْ عَلَى


(١) في "ح" زيادة: "عليكم".