للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(و) يحرم أيضًا (تعليمُه كيف يدَّعي) لما فيه من الإعانة على خصمه، وكسر قلبه (إذا لم يَلْزَم ذِكْرُه، فإن لَزِمَ، كشَرْطِ عقدٍ، أو سببِ) إرثٍ (ونحوه) مما تتوقف عليه صحة الدعوى، كوصف سرقة أو قتل (ولم يذكره المُدَّعي، فله) أي: القاضي (أن يسأل) عنه (ليحترز عنه) ويحرره؛ لتوقف الحكم عليه.

(وله) أي: القاضي (أن يشفع إلى خصمه؛ ليُنظِرَه) بالدَّين (أو يضع عنه، وله أن يَزِن عنه، ويكون) ذلك (بعد انقضاء الحكم) لأن في ذلك نفعًا لخصمه؛ ولأن معاذًا "أتى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فكلمه ليكلِّم غرماءه، فلو تركوا لأحد، لتركوا معاذًا، لأجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" رواه سعيد (١). قال في "المبدع": مرسل جيد. ونقل حنبل (٢): أن كعب بن مالك "تقاضى ابن أبي حدرد دَينًا عليه، وأشار النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - إلى كعب أنْ ضعِ الشطر من دَينك، قال: قد فعلتُ، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: قُمْ فأعطِهِ" (٣) قال أحمد: هذا حكم من النبي - صلى الله عليه وسلم -.

(وينبغي) للقاضي (أن يُحْضِرَ مجلِسَه الفقهاءَ من كُلِّ مذهبٍ إن أمكن، يُشاوِرُهم فيما أشكل عليه) وإذا حدثت حادثة، سألهم عنها، ليذكروا أدلتهم فيها، وجوابهم عنها؛ فإنه أسرع إلى اجتهاده، وأقرب إلى صوابه (فإن حكم باجتهاده، فليس لأحدٍ منهم الاعتراض عليه) لأن في ذلك افتياتًا عليه (وإن خالف اجتهادَه، إلا أن يحكم بما يخالف نصًّا) من


(١) لم نقف عليه في المطبوع من سننه، وقد أخرجه أبو داود في المراسيل ص/ ١٦٢، حديث ١٧١، عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك، مرسلًا، وقد تقدم تخريجه (٨/ ٣٣٢) تعليق رقم (١).
(٢) انظر: الفروع (٦/ ٤٤٤).
(٣) تقدم تخريجه (١٥/ ٧٢) تعليق رقم (١).