للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

و (لا) يملك إجبار (عبده الكبير العاقل) لأنه مكلَّف يملك الطلاق، فلا يُجبر على النِّكَاح، كالحر؛ لأن النِّكَاح خالص حقِّه، ونفعُه له، فلا يُجبر عليه، كالحر، والأمر بإنكاحه مختص بحال (١) طلبه، بدليل عطفه على الأيامى (٢)، وإنما يزوجن عند الطلب.

(ولا يجوز لسائر) أي: باقي (الأولياء) بعد الأب (تزويج حُرَّة كبيرة) بالغة، ثيبًا كانت أو بكرًا (إلا بإذنها) لحديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا تُنكح الأيم حتَّى تُستأمرَ، ولا تُنكح البكر حتَّى تُستأذن، قالوا: يا رسول الله، وكيف إذنُها؟ قال: أن تسكتَ" متفق عليه (٣).

(إلا المجنونة، فلهم) أي: لسائر الأولياء (تزويجها) أي: المجنونة (إذا ظهر منها الميل إلى الرجال) لأن لها حاجة إلى النِّكَاح؛ لدفع ضرر الشهوة عنها، وصيانتها عن الفجور، وتحصيل المهر والنفقة والعفاف، وصيانة العرض، ولا سبيل إلى إذنها، فأُبيح تزويجها، كالبنت مع أبيها (ويعرف ذلك) أي: ميلها إلى الرجال (من كلامها، وتتبعها الرجال، وميلها إليهم، ونحوه) من قرائن الأحوال (وكذا إن قال أهل الطب) ولعل المراد: ثقةٌ منهم إن تعذَّر غيره، وإلا فاثنان، على ما يأتي في الشهادات: (إن علتها تزول بتزويجها (٤)) فلكل ولي تزويجها؛ لأن ذلك من أعظم مصالحها، كالمداواة (ولو لم يكن لها) أي: المجنونة


(١) في "ذ": "بحالة".
(٢) في قوله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ … } سورة النور، الآية ٣٢ .
(٣) البخاري في النِّكَاح، باب ٤٢، حديث ٥١٣٦، وفي الحيل، باب ١١، حديث ٦٩٦٨، ٦٩٧٠ ومسلم في النكاح، حديث ١٤١٩.
(٤) في "ح": "بتزوجها".