للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} (١) (وغُرِّب عامًا) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "البكرُ بالبِكْرِ جلدُ مائةٍ وتغرِيبُ عَامٍ" (٢)؛ ولأن الخلفاء الراشدين (٣) فعلوا ذلك بالحر غير المحصن، وانتشر، ولم يُعرف لهم مخالف، فكان كالإجماع (إلى مسافة القَصْر) لأن ما دون ذلك في حكم الحضر (في بلد معين) لأن التغريب يتحقق بذلك.

(وإن رأى الإمامُ التغريبَ إلى فوق مسافة القصر؛ فَعَل) لتناول الخبر له.

(والبدوي يُغَرَّب عن حِلته) بكسر الحاء (وقومِه) إلى مسافة قصر فأكثر (ولا يمكَّن) البدوي (من الإقامة بينهم) أي: بين قومه حتى يمضي العام؛ ليحصُل التغريب.

(ولو عَيَّن السلطان جهةً لتغريبه، وطلب الزاني جهةً غيرها؛ تعيَّن ما عيَّنه السلطان) لأن إقامة الحَدِّ للسلطان لا للزاني.

(ولو أراد الحاكم تغريبَه، فخرَجَ بنفسه وغاب سنةً، ثم عاد؛ لم يَكْفِهِ في ظاهر كلامهم) لأنه لا يحصُل به الزجر، كما لو جَلَد نفسه.

(ولا يُحبس) المغرَّب (في البلد الذي نُفي إليه) لعدم وروده.

(فإن عاد) المغرَّب (من تغريبه قبل مضي الحول، أُعيد تغريبه حتى يكمل الحول مسافرًا) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "وتغريب عام" (٢) (ويبني على ما مضى) قبل عوده، فلا يلزمه أن يستأنف؛ لزيادته إذًا عن العام.


(١) سورة النور، الآية: ٢.
(٢) تقدم تخريجه (١٤/ ٣٨) تعليق رقم (٥).
(٣) انظر: مصنف عبد الرزاق (٧/ ٣١٤) رقم ١٣٣٢١ - ١٣٣٢٤، ١٣٣٢٨، ومصنف ابن أبي شيبة (١٠/ ٨٣ - ٨٥)، والسنن الكبرى للبيهقي (٨/ ٢٢٢ - ٢٢٣).