للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

(ثم يمسح جميع ظاهر رأسه), لأنه تعالى أمر بمسح الرأس، وبمسح الوجه في التيمم. وهو يجب الاستيعاب فيه. فكذا هنا إذ لا فرق، ولأنه - صلى الله عليه وسلم -. مسح جميعه، وفعله وقع بيانًا للآية، والباء للإلصاق، أي: إلصاق الفعل بالمفعول. فكأنه قال: ألصقوا المسح برؤوسكم، أي: المسح بالماء، وهذا بخلاف لو قيل: امسحوا رؤوسكم، فإنه لا يدل على أنه ثم شيء يلصق، كما يقال: مسحت رأس اليتيم.

وأما دعوى أن الباء إذا وليت فعلًا متعديًا أفادت التبعيض في مجرورها لغة، فغير مسلم، دفعًا للاشتراك ولإنكار الأئمة. قال أبو بكر: سألت ابن دريد وابن عرفة (١) عن الباء: تبعض؟ فقالا: لا نعرفه في اللغة. وقال ابن برهان: من زعم أن الباء تبعض، فقد جاء عن أهل العربية (٢) بما لا يعرفونه.

وقوله: {يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ} (٣) وقول الشاعر: شربن بماء البحر (٤). فمن باب التضمين كأنه قيل: يروى.


(١) هو إبراهيم بن محمد بن عرفة الأزدي الملقب نفطويه لشبهه بالنفط، لدمامته وأدمته. انظر ترجمته في "بغية الوعاة": (١/ ٤٢٨).
(٢) هكذا في الأصول والمعروف: "فقد جاء أهل العربية"، وهو المناسب للمقام كما في "المغني": (١/ ١٢٦). وانظر البحر المحيط للزركشي (٢/ ٢٦٧).
(٣) سورة الإنسان، الآية: ٦.
(٤) البيت بتمامه: شربن بماء البحر ثم ترَفَّعَتْ … متى لُجَجٍ خُضْرٍ لهن نئيجُ
وهو لأبي ذؤيب الهذلي يصف السحاب. انظر خزانة الأدب (٧/ ٩٧).