للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[باب الوديعة]

(وهي) فعيلة، من وَدَع الشيءَ إذا تَرَكه، إذ هي متروكة عند المودَع. وقيل: مشتقة من الدَّعَة، فكأنها عند المودَع غير مبتذلة للانتفاع. وقيل: من وَدَع الشيءُ إذا سكن، فكأنها ساكنة عند المودع.

وشرعًا: (اسم للمال) أو المختص، ككلب الصيد (المودَع) بفتح الدال، أي: المدفوع إلى من يحفظه بلا عوض. فخرج بقيد "المال" أو "المختص" الكلب الذي لا يُقتنى، والخمر ونحوهما مما لا يُحترم، وبقيد "المدفوع" ما ألقته الريح إلى دار من نحو ثوب، وما أخذه بالتعدي. وبقيد "الحفظ" العارية، ونحوها، وبقيد "عدم العوض" الأجير على حفظ المال. وبما ذكرت تعلم ما في كلامه من القصور والدَّور.

قال الأزهري (١): وسُميت وديعة بالهاء؛ لأنهم ذهبوا بها إلى الأمانة. انتهى.

والإجماع في كل عصر على جوازها (٢)، وسنده قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (٣) مع السُّنة الشهيرة، منها قوله - صلى الله عليه وسلم -: "أدِّ الأمانةَ إلى مَن ائتَمنكَ، ولا تَخُنْ مَنْ خَانكَ" رواه أبو داود والترمذي وحَسَّنه (٤). والمعنى يقتضيها لحاجة الناس إليها؛ لأنه يتعذَّر عليهم حفظ جميع أموالهم بأنفسهم.


(١) الزاهر في غريب ألفاظ الإمام الشافعي، ص/ ٣٨٠.
(٢) انظر: الإجماع لابن المنذر ص/ ١٢٩، ومراتب الإجماع لابن حزم ص/ ١١٠، والإقناع في مسائل الإجماع لابن القطان (٣/ ١٥٨٦).
(٣) سورة النساء، الآية: ٥٨.
(٤) تقدم تخريجه (٧/ ٢٠٥) تعليق رقم (١).