للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تلف (ولو لم يتلفه) أي: يتعد عليه أو يفرط فيه، فلا يتوقف الاستقرار فيه على الوضع بالمسطاح؛ لأنه لا يتأتى وضعه فيه، لكونه لا يتمر ولا يزبب، فيكون استقرارها بمجرد انتهاء نضجه.

(فإن لم يجدَّهما) أي: التمر والزبيب (بقيا في ذمته، فيخرجه) أي: ما بقي في ذمته (إذا قدر عليه) كباقي الواجبات التي لا بدل لها. (والمذهب أيضًا: أنه يحرم.

ولا يصح شراؤه زكاته، ولا صدقته) لما روي عن عمر قال: "حملتُ على فرس في سبيلِ اللهِ، فأضاعَه الذي كان عنده، وأردتُ أنْ أشتريهُ, وظننتُ أنه يَبيعه برخصٍ، فسألتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فقال: لا تشترهِ، ولا تعدْ في صدقَتِكَ، وإنْ أعطَاكَهُ بِدرهمٍ، فإنَّ العائِدَ في صدَقَتِهِ كالعَائِدِ في قَيئِهِ" متفق عليه (١). ولأن شراءها وسيلة إلى استرجاع شيء منها؛ لأنَّه يستحيي أن يماكسه في ثمنها، وربما سامحه طمعًا منه بمثلها، أو خوفًا منه إذا لم يبعها أن لا يعود يعطيه في المستقبل، وكل هذه مفاسد، فوجب حسم المادة، و(سواء اشتراها ممن أخذها منه، أو من غيره) لظاهر الخبر. ونقله أبو داود في فرس حميل (٢).

وظاهر التعليل يقتضي الفرق, وظاهر كلامهم أنّ النهي يختص


(١) البخاري في الزكاة، باب ٥٩، حديث ١٤٩٠، وفي الهبة، باب ٣٠، ٣٦، حديث ٢٦٢٣، ٢٦٣٦، وفي الجهاد والسير، باب ١١٨، ١٣٧، حديث ٢٩٧٠، ٣٠٠٣، ومسلم في الهبات، حديث ١٦٢٠.
(٢) مسائل أبي داود ص/ ٢٣٢.