للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن كانوا مشركين، لم يجب قتالُهم إلا إذا بدؤوا بالقتال، أو وقع النَّفير) ممن له الاستنفار، فيتعيَّن إذن لما يأتي في الجهاد (فإن غلب على ظَنِّ المسلمين الظَّفَر) بالمشركين (استُحِبَّ قتالُهم) حيث لم يجب لإعلاء كلمة الدِّين (ولهم) أي: الحاج (لُبْسُ ما تجب فيه الفِدْية، إنِ احتاجوا إليه) في القتال (ويفدون) للبسه، كما تقدم في حَلْق الرأس وتغطيته (١).

(وإلا) أي: وإن لم يَقْوَ على ظَنِّ المسلمين الظَفَر (فتَرْكُه) أي: القتال (أَولى) لئلا يغروا بالمسلمين.

(فإن أذِنَ العدوُّ لهم) أي: للحجاج (في العُبور فلم يثقوا بهم، فلهم الانصرافُ) والتحلُّل، كما تقدم (وإن وثِقُوا بهم، لَزِمهم المضيُّ على الإحرام) لإتمام النُّسك؛ إذ لا عُذْر لهم إذن.

(وإن طلب العدو خَفَارة على تخلية الطَّريق) للحجاج (وكان) العدوُّ (ممن لا يوثقُ بأمانه) لعادته بالغدر (لم يلزم بَذْلُه) أي: المال المطلوب خَفَارة؛ لأنه إضاعة من غير وصول للمقصود.

(وإن وُثِقَ) بأمانه (والخَفارة كثيرة، فكذلك) لا يجب بَذْلُها؛ للضَّرر (بل يُكره بَذْلُها) أي: الخَفَارة (إن كان العدوُّ كافرًا) لما فيه من الذل والهوان، وتقوية الكفَّار.

(وإن كانت) الخَفَارة (يسيرة، فقياس المذهب وجوب بَذْلِه) أي: مال الخَفَارة، قاله الموفَّق والشارح، وصحَّحه في "تصحيح الفروع"؛ لأنه ضررٌ يسير، كماءِ الوضوء.

وقال جماعةٌ من الأصحاب: لا يجب بَذْل خَفَارة بحال، كما في ابتداء الحجِّ لا يلزمه إذا لم يجد طريقًا آمنًا من غير خَفَارة.


(١) في محظورات الإحرام (٦/ ١١٩، ١٢٤ - ١٢٥).