للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

به وما نهوا عنه مساويًا لما على الإنس في الحد والحقيقة. لكنهم شاركوهم في جنس التكليف بالأمر، والنهي، والتحليل، والتحريم، بلا نزاع أعلمه بين العلماء. اهـ.

ويقبل قولهم أن ما بيدهم ملكهم مع إسلامهم فتصح معاملتهم، ولا دليل على المنع منه، ويجري التوارث بينهم، وكافرهم كالحربي يجوز قتله إن لم يسلم، ويحرم عليهم ظلم الآدميين، وظلم بعضهم بعضًا، وتحل ذبيحتهم، وبولهم وقيؤهم طاهران.

وأما ما يذبحه الآدمي لئلا يصيبه أذى من الجن فمنهي عنه.

والمشهور أن للجن قدرة على النفوذ في بواطن البشر، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم" (١). وكان الشيخ تقي الدين (٢) إذا أتي بالمصروع وعظ من صرعه، وأمره ونهاه، فإن انتهى وفارق (٣) المصروع أخذ عليه العهد أن لا يعود، وإن لم يأتمر ولم ينته ولم يفارقه، ضربه حتى يفارقه. والضرب في الظاهر يقع على المصروع، وإنما يقع في الحقيقة على من صرعه؛ ولهذا يتألم من صرعه به، ويصيح.

ويخبر المصروع إذا أفاق بأنه لم يشعر بشيء من ذلك.

قال في "الفروع": وأظن أني رأيت عن الإمام أحمد مثل فعل شيخنا،


(١) أخرجه البخاري في الاعتكاف، باب ١١، ١٢، حديث ٢٠٣٨، ٢٠٣٩، وفي بدء الخلق، باب ١١، حديث ٣٢٨١، وفي الأحكام، باب ٢١، حديث ٧١٧١، ومسلم في السلام، حديث ٢١٧٥، من حديث صفية بنت حيي - رضي الله عنها -.
(٢) الاختيارات الفقهية ص/ ١٠٦.
(٣) في الاختيارات الفقهية: "وأفاق".