للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الترمذي (١) وحسَّنه. وفي رواية أبي داود والدارقطني من حديث عروة بن الزبير قال: "ولقد أخبرني الذي حدثني هذا الحديثَ: أنَّ رجلين اختصما إلى النبيِّ - صلى الله عليه وسلم -، غرسَ أحدهما نخلًا في أرضِ الآخرِ، فقضى لصاحب الأرض بأرضهِ، وأمرَ صاحبَ النخل أن يُخرجَ نخلهُ منها، فلقد رأيتها وإنها لتضربُ أصولها بالفؤوسِ، وإنها لنخلٌ عُمٌّ" (٢).

قال أحمد (٣): العُم الطوال.

(و) أُخذ الغاصب -أيضًا- بـ (ـتسوية الأرض، وأرش نقصها) لأنه ضرر حصل بفعله، فلزمه إزالته كغيره.

(و) عليه (أجرتها) أي: أجرة مثل الأرض مدة احتباسها؛ لأن منافعها ذهبت تحت يده العادية، فكان عليه عوضها كالأعيان.

(ثم إن كانت آلات البناء من المغصوب) بأن كان فيه لَبِنٌ أو آجرٌّ، أو ضرب منه لَبِنًا أو آجرًّا، وبنى به فيه (فـ) ـعليه (أجرتُها مبنية) لأن البناء والأرض ملك للمغصوبة منه الأرض، ولا أُجرة للغاصب لبنائه (وإلا) تكن آلات البناء من المغصوب، بل كانت الآلات للغاصب، فعليه (أجرتها غير مبنية) لأنه إنما غصب الأرض وحدها، وأما بناؤه بآلاته فله.

(فلو أجرها) أي: أجر الغاصب الأرض المغصوبة المبنية بآلاته مع ما بها من بناء (فالأجرة) المستقرة على المستأجر (لهما) أي: مشتركة بين ربِّ الأرض وربِّ البناء (بقَدْر قيمتيهما) أي: قيمتي منفعتيهما، فينظر: كم أجرة الأرض مبنية، ثم أجرتها خالية؟ فما بينهما فهو أجرة البناء،


(١) في الأحكام، باب ٣٨، حديث ١٣٧٨، وتقدم تخريجه (٩/ ٢٠٦) تعليق رقم (١).
(٢) تقدم تخريجه (٩/ ٢٠٥) إكمال تعليق رقم (١) فقرة (جـ).
(٣) المبدع (٥/ ١٥٧ - ١٥٨). وانظر: النهاية (٣/ ٣٠١).