للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدعوى علي غير خصمٍ مُنازعٍ) أي: فلا تُسمع على الخصم المُسَخَّر (فتثبتَ الحقوقُ بالشهادةِ على الشهادةِ وقاله بعض أصحابنا، وإما أن تُسمع الدعوى والبينةُ، ويُحْكمَ بلا خَصْمٍ. وذكره بعضُ المالكية (١) و) بعضُ (الشافعية، وهو مقتضى كلام) الإمام (أحمد وأصحابه في مواضع؛ لأنا نسمعُها على غائبٍ، وممتَنع و نحوه) كميت (فمع عَدَم خَصْمٍ أولى؛ فإن المشتريَ مثلًا قبضَ المبيعَ وسلَّم الثمنَ، فلا يدَّعِي ولَا يُدَّعَى عليه، والمقصودُ سماعُ القاضي البينةَ؛ وحكمُه بموجَبِها من غير وجودِ مُدَّعىً عليه، ومن غير مُدَّعٍ على أحد، لكن خوفًا من حُدوثِ خَصْمٍ مستقبَلٍ، وحاجةِ الناس، خصوصًا فيما فيه شُبهةٌ أو خلافٌ لرفعه. انتهى).

قال في "التنقيح": (وعملُ الناس عليه، وهو قوي) أي: في النظر.

قلت: وإذا حكم على هذا الوجه، وإن كان مقابلًا لما قدَّموه، لم ينقض حكمه؛ لأنه لم يخالف نصًّا ولا إجماعًا. انتهى.

فصل

(إذا جاءَ إلى الحاكم خصمانِ، سُنَّ أن يُجْلِسَهما بين يديه) لما روى أبو داود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - "قضى أن يجلس الخصمان بين يدي الحاكم" (٢)؛ ولقول عمر: "ولكن أجلس مع خصمي مجلسًا بين يدي


(١) انظر: النوادر والزيادات لابن أبي زيد القيرواني (٨/ ١٩٣).
(٢) أبو داود في الأقضية، باب ٨، حديث ٣٥٨٨. وأخرجه - أيضًا - أحمد (٤/ ٤)، والطبراني في الكبير (١٣/ ١٠٣) حديث ٢٤٦، والحاكم (٤/ ٩٤)، والبيهقي (١٠/ ١٣٥)، عن مصعب بن ثابت، عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، به. =