للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - "صلى في بيته وهو شاكٍ، فصلى جالسًا، وصلى وراءه قوم قيامًا، فأشار إليهم أن اجلسوا، فلما انصرف قال: إنما جُعل الإمامُ ليُؤتَمَّ به - إلى قوله - وإذا صلى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعُون" (١) قال ابن عبد البر (٢): روي هذا مرفوعًا من طرق متواترة. ولأن إمام الحي يحتاج إلى تقديمه بخلاف غيره، والقيام أخف بدليل سقوطه في النفل (المرجو زوال علته) التي منعته القيام؛ لئلا يفضي إلى ترك القيام على الدوام، أو مخالفة الخبر، ولا حاجة إليه. والأصل فيه: فعله - صلى الله عليه وسلم -، وكان يرجى زوال علته (ويصلون وراءه) جلوسًا (و) يصلون أيضًا (وراء الإمام الأعظم) إذا مرض ورجي زوال علته (جلوسًا) للخبر. قال في الخلاف: هذا استحسان، والقياس لا يصح؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - "صلى في مرض موته قاعدًا، وصلى أبو بكر والناس خلفه قيامًا" متفق عليه (٣) من حديث عائشة. وأجاب أحمد عنه (٤): بأنه لا حجة فيه؛ لأن أبا بكر ابتدأ بهم قائمًا فيتمها كذلك، والجمع أولى من النسخ، ثم يحتمل أن أبا بكر كان هو الإمام. قال ابن المنذر (٥): روي عن عائشة أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - "صلى خلف أبي بكر


(١) البخاري في الأذان، باب ٥١، حديث ٦٨٨، ومسلم في الصلاة، حديث ٤١٢.
(٢) التمهيد (٦/ ١٣٨).
(٣) البخاري في الأذان، باب ٣٩، ٤٦، ٦٧، ٦٨، حديث ٦٦٤، ٦٧٨، ٧١٢، ٧١٣، ومسلم في الصلاة، حديث ٤١٨.
(٤) نقل هذا الجواب عن الإمام أحمد الأثرم، أورده ابن عبد البر في التمهيد (٢٢/ ٣١٨) وذكر معناه عن الإمام أحمد بن المنذر في الأوسط (٤/ ٢٠٨)، وانظر المغني (٣/ ٦٢)، والشرح الكبير (٤/ ٣٧٨).
(٥) الأوسط (٤/ ٢٠٣) برقم ٢٠٤٠.