للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن أظهر قومٌ رأي الخوارج، مثل تكفير من ارتكب كبيرة، و) مثل (ترك الجماعة، واستحلال دماء المسلمين وأموالهم، ولم يجتمعوا لحرب، لم يُتعرَّض لهم) حيث لم يخرجوا عن قبضة الإمام؛ لما رُويَ "أن عليًّا كانَ يخطبُ، فقال له رجلٌ ببابِ المسجدِ: لا حُكمَ إلا لله، فقال عليٌّ: كلمةُ حقٍّ أُريدَ بها باطل. ثم قال: لكم علينا ثَلاث: لا نمنعُكم مساجِدَ الله أنْ تَذكُروا فيها اسمَ الله، ولا نمنعُكم الفيءَ ما دامَت أيدِيكُم مَعنا، ولا نبدَؤُكُم بقِتَال" (١).

(وإن سبُّوا الإمامَ أو عَدلًا غيره، أو عرضوا بالسبِّ، عَزَّرهم) لأنهم ارتكبوا مُحَرَّمًا لا حد فيه ولا كفارة.

(وإن جنوا جنايةً، أو أتوا حَدًّا، أقامه) الإمامُ (عليهم) لقول علي في ابن مُلجَم لما جرحه: "أطعِموهُ واسقوهُ واحبِسُوه، فإنْ عشتُ فأنا وليُّ دَمي، وإنْ مِتُّ فاقتلُوهُ ولا تُمثلوا به" (٢)؛ ولأَنهم ليسوا بِبُغَاة، فهم كأهل العدل فيما لهم وعليهم.

(وإن اقتتلت طائفتان لعصبية، أو طَلَبِ رئاسة، فهما ظالمتان) لأن كل واحدة منهما باغية على الأخرى (وتضمن كلُّ واحدةٍ) منهما (ما أتلفت على الأخرى) لأنها أتلفت نفسًا معصومة ومالًا معصومًا. قال في "الاختيارات" (٣): فأوجبوا الضمان على مجموع الطائفة، وإن لم يعلم


(١) أخرجه ابن أبي شيبة (١٥/ ٣٢٧)، والطبري في تاريخه (٥/ ٧٣)، والبيهقي (٨/ ١٨٤). وانظر: التلخيص الحبير (٤/ ٤٥).
(٢) أخرجه الشافعي في مسنده (ترتيبه ٢/ ١٠١)، والحاكم (٣/ ١٤٤)، والبيهقي (٨/ ٥٦، ١٨٣)، وفي معرفة السنن والآثار (١٢/ ٢٢٠) رقم ١٦٥٠٤. وانظر: التلخيص الحبير (٤/ ٤٧).
(٣) الاختيارات الفقهية ص / ٤٢٩ - ٤٣٠.