للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

استنارت الحجة؛ فليس له ذلك.

ورُوي عن شُريحٍ أنه ما أصلح بين المتحاكمين إلا مرةً واحدة (١).

وعن عمر أنه قال: "ردُّوا الخصوم حتى يصطلحا، فإنَّ فَصْلَ القضاء يحدث بين الناس الضغائن" (٢).

(ولا خلاف أنه يجوز له الحكم بالإقرار والبينة في مجلسه) وهو محلُّ نفوذ حكمه (إذا سمعه معه شاهدان) لأن التُّهمة الموجودة في الحكم بالعلم منتفية هنا (فإن لم يسمعه) أي: الإقرار أو البينة (معه) أي: مع الحاكم (أحدٌ، أو سَمِعه) معه (شاهدٌ واحد، فله الحكم أيضًا) نصَّ عليه في رواية حَرْب (٣)؛ لأن الحكم - أيضًا - ليس بمحضِ الحكم بالعِلم، ولا يضرُّ رجوع المُقِر. وقال القاضي: لا يحكم به؛ لانه حكمٌ بعلمه (والأولى) أن يحكم (إذا سمعه) معه (شاهدان) خروجًا من الخلاف.

(فأما حكمه بعلمه في غير ذلك مما رآه أو سَمِعه، قبل الولاية، أو بعدها، فلا يجوز) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما أنا بشر مثلكم، وإنكم تختصمون إلي، ولعلَّ بعضكم ألحن بحجته من بعض، فأقضي له على نحو ما أسمع" متفق عليه (٤). فدل


(١) أخرجه عبد الرزاق (٨/ ١٨١) رقم ١٤٧٩٨، وابن أبي شيبة (٧/ ٢١٢ - ٢١٣)، وانظر: أخبار القضاة (٢/ ٣٦٣).
(٢) أخرجه عبد الرزاق (٨/ ٣٠٣ - ٣٠٤) رقم ١٥٣٠٤، وابن أبي شيبة (٧/ ٢١٣ - ٢١٤)، ووكيع في أخبار القضاة (١/ ٧٤ - ٧٥)، والبيهقي (٦/ ٦٦).
قال البيهقي: هذه الروايات عن عمر منقطعة والله أعلم. وأعلَّه - أيضًا - ابن حزم في المحلى (٨/ ١٦٤، ٩/ ٤٢٣) بالانقطاع، وقال: معاذ الله أن يصح هذا عن عمر رضي الله عنه.
(٣) انظر: الإنصاف مع المقنع والشرح الكبير (٢٨/ ٤٢٣).
(٤) البخاري في المظالم، باب ١٦، حديث ٢٤٥٨، وفي الشهادات، باب ٢٧، حديث =