للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وإن كان) الضامن وقت الضمان مريضًا (مرض الموت المخوف، حُسِبَ ما ضَمِنه من ثُلُثه) لأنه تبرُّع، فهو كسائر تبرُّعاته، وكالوصية. وقياس المريض كذلك من باللُّجَّة (١) عند الهيجان، أو وقع الطاعون ببلده ونحوهما ممن أُلحِق بالمريض مرض الموت المخوف، كما سيأتي في عطية المريض.

(ويصح الضمان من أخرس بإشارة مفهومة) كسائر تصرفاته؛ لأنها كاللفظ في الدلالة على المراد (ولا يثبت) الضمان (بكتابته) أي: الأخرس، حال كونها (منفردة عن إشارة يُفهم بها أنه قَصَدَ الضمان؛ لأنه قد يكتب عبثًا، أو تجربةَ قلم) فلا يكون ضامنًا بالاحتمال.

(ومن لا تُفهم إشارته) من الخرس (لا يصح ضمانُهُ) أي: أن يضمن غيره، ولو بكتابة؛ لما تقدم من أنه قد يكتب عبثًا، أو تجربة قلم، فليست صريحة (وكذلك) أي: كالضمان (سائر تصرُّفاته) فتصح بإشارة مفهومة، لا بكتابة مفردة عن إشارة يُفهم بها المقصود، ولا ممن ليس له إشارة مفهومة. وتأتي صحة الوصية، والطلاق، والإقرار بالكتابة.

(ولصاحب الحق مطالبةُ من شاء منهما) أي: من المضمون عنه والضامن (لثبوته) أي: الحق (في ذمتيهما جميعًا) فلا يبرأ المضمون عنه بمجرَّد الضمان كما يبرأ المحيل، بل يثبت الحق في ذمتيهما جميعًا؛ لصحة هبته لهما؛ ولأن الكفيل لو قال: تكفَّلت بالمطالبة دون أصل الدَّين، لم يصح اتفاقًا (٢) (٣). ذكره في "المبدع".

(و) لصاحب الحق أيضًا (مطالبتهما) أي: المضمون عنه والضامن


(١) اللُّجَّة بالضم - معظم الماء، ومنه بحر لُجِّي. انظر: القاموس المحيط ص/ ٢٠٣.
(٢) في "ح": "وفاقًا". وهو موافق لما في المبدع (٤/ ٢٤٩).
(٣) انظر: فتح القدير (٧/ ٢١٨)، ومواهب الجليل (٥/ ١٠٠)، وروضة الطالبين للنووي (٤/ ٢٦٤).