للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ولا يلزم من انتفاء جعل المباح جهة للوقف انتفاء جعله شرطًا فيه؛ لأن جعله أصلًا في الجهة مُخِلٌّ بالمقصود وهو القربة، وجعله شرطًا لا يُخِلُّ به، فإن الشرط إنما يُفيد تخصيص البعض بالعطية، وذلك لا يرفع أصل القُربة. وأيضًا: فإنه من قبيل التوابع، والشيء قد يثبت له حال تبعيته ما لا يثبت له حال أصالته.

(وقال) الشيخ (١): (لو حكم حاكم بمحضر لوقت في شروط، ثم ظهر كتاب الوقف غير ثابت؛ وجب ثبوته، والعمل به إن أمكن) إثباته.

(وقال أيضًا (٢): لو أقرَّ الموقوف عليه أنه لا يستحق في هذا الوقف إلا مقدارًا معلومًا، ثم ظهر شرطُ الواقف بأنه يستحقُّ أكثر) مما قال (حكم له بمقتضى شرط الواقف، ولا يَمنع من ذلك الإقرارُ المتقدمُ. انتهى) لأنه معذور بعدم علمه إياه.

وقوله: "ثم ظهر له شرط الواقف. . ." الخ. يُفهم منه: أنه لو كان عالمًا بشرط الواقف، وأقر بأنه لا يستحق إلا كذا، يؤاخذ بإقراره؛ لأنه لا عُذر له، فإن انتقل استحقاقه بعده لولده مثلًا، فله الطلب بما في شرط الواقف من حين الانتقال إليه؛ لأن إقراره لا يسري على ولده.

وذكر التاج السبكي الشافعي في كتابه "الأشباه والنظائر" (٣): الصواب أنه لا يؤاخذ، سواء علم شَرْط الواقف وكذب في إقراره، أم لم يعلم، فإن ثبوت هذا الحق له لا ينتقل بكذبه. انتهى.

قال المحب ابن نصر الله: ومما يؤيده أن شرط صحه الإقرار؛ كون


= (٣/ ٣٨١).
(١) مجموع الفتاوى (٣١/ ٢٤).
(٢) الاختيارات الفقهية ص/ ٢٦٢.
(٣) (١/ ٣٣٤).