للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّعَمِ} (١)، وأما ضمانه إذا تلف في يده، فلأنه تَلِفَ تحت يد عادية، أشبه ما لوَ أتلفه؛ إذ الواجب إما إرساله أو رده على مالكه. وأما ضمان جزئه بالإتلاف والتلف، فلأن جملته مضمونة، فضمنت أبعاضه كالآدمي والمال.

(ويحرمُ عليه) أي: المُحرِم (الدلالة عليه) أي: الصيد (والإشارةُ والإعانةُ، ولو بإعارة سلاح ليقتله) أي: الصيد (أو ليذبَحَه به، سواء كان معه) أي: الصائد (ما يقتله به أو لا، أو يناولُه سِلاحَه أو سوطَه، أو يَدفعُ إليه فرسًا لا يقدِر على أخذِ الصيدِ إلا به) لأنه وسيلة إلى الحرام، فكان حرامًا، كسائر الوسائل، ولحديث أبي قتادة لما صاد الحمارَ الوحشي وأصحابه مُحْرِمون، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "هل أشارَ إليه إنسانٌ منكم، أو أمَرَهُ بشيء؟ قالوا: لا" وفيه: "أبْصَرُوا حمَارًا وَحشيًّا فلم يَدُلُّوني، وأحَبوا لو أنِّي أبْصَرتُهُ، فالتَفَتُّ فأبْصَرْتُهُ، ثمّ ركِبت؛ ونَسِيت السَّوْطَ، أو الرُّمْحَ، فقلتُ لهم: نَاولُوني. فقالوا: لا والله، لا نعينك عليه بشيء؛ إنا مُحْرِمون، فتناولته فأخذته، ثم أتَيتُ الحِمارَ مِن وراء أكمَة فَعَقَرْتهُ، فأتَيتُ بهِ أصحابي، فقال بعضهم: كلوا، وقال بعضهمْ: لا تأكُلُوا، فأتَيتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - فسألتُهُ، فقَال: كُلُوهُ وهو حَلالٌ" متفق عليه (٢) ولفظه للبخاري. (ويضمنه بذلك) أي: يضمن المُحرِم الصيدَ بالدلالة عليه، والإشارة إليه، والإعانة عليه بشيء مما تقدم، كما يضمن المودع بالدلالة، لكن لو دلَّه، فكذبه، فلا ضمان عليه، قاله في "المبدع".


(١) سورة المائدة، الآية: ٩٥.
(٢) البخاري في جزاء الصيد، باب ٢، ٤، ٥ حديث ١٨٢١، ١٨٢٣، ١٨٢٤، وفي الهبة، باب ٣، حديث ٢٥٧٠، وفي الجهاد والسير، باب ٤٦، ٨٨، حديث ٢٨٥٤، ٢٩١٤، وفي الأطعمة، باب ١٩، حديث ٥٤٠٧، وفي الذبائح والصيد، باب ١٠، حديث ٥٤٩٠، ٥٤٩٢، ومسلم في الحج، حديث ١١٩٦.