للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما الآبق فيجوز التقاطه؛ صونًا له عن اللحوق بدار الحرب، وارتداده، وسعيه بالفساد، وتقدم (١).

(و) هذا القسم (لا يملكه) ملتقطه (بتعريفه) لأنه متعدٍّ بأخذه، كالغاصب؛ لعدم إذن المالك والشارع، سواء كان زمنَ أمن أو فساد (وإن أنفق) الملتقط (عليه) أي: على ما ذكر في هذا القسم (لم يرجع) على رَبِّه بما أنفقه عليه (لتعديه) بالتقاطه وإمساكه.

(فإن تبع شيء منها) أي: الضوال المذكورة (دوابه، فَطَرَده) فلا ضمان عليه (أو دخل) شيء منها (داره، فأخرجه، فلا ضمان عليه، حيث لم يأخذه، ولم تثبت يده عليه، لكن لإمام ونائبه فقط) دون غيرهما (أخذ ذلك) أي: ما ذكر من الضوال (ليحفظه لربِّه) لأن لهما نظرًا في حفظ مال الغائب, وفي أخذها على وجه الحفظ مصلحة لربِّها؛ لصونها.

و(لا) يجوز لهما كغيرهما أخذها (على سبيل الالتقاط) لما تقدم (ولا يلزمهما) أي: الإمام أو نائبه (تعريفه) أي: تعريف ما أخذه من الضوال ليحفظه لربه؛ لأن عمر - رضي الله عنه - لم يكن ليعرِّف الضوال (٢)؛ ولأنه إذا عُرِف من الإمام حفظ الضوال، فمن كانت له ضالة جاء إلى موضع الضوال، فمن عَرَف ماله، أقام البينة عليه.

(ولا تكفي فيه الصفة) لأن الضالة كانت ظاهرة للناس حين كانت في يد مالكها، فلا يختص بمعرفة صفاتها دون غيره، وإقامة البينة عليها


(١) (٩/ ٤٨٦).
(٢) أخرج مالك في الموطأ (٢/ ٧٥٩)، وعبد الرزاق (١٠/ ١٣٢) رقم ١٨٦٠٧، والبيهقي (٦/ ١٩١)، عن الزهري، قال: كانت ضوالُّ الإبل في زمان عمر بن الخطاب إبلًا مؤبَّلة تناتج لا يمسها أحد، حتى إذا كان زمان عثمان بن عفان أمر بتعريفها ثم تباع، فإذا جاء صاحبها أعطي ثمنها.