للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقالوا: إنك لم تحج، تريد أن تغزو؟! قال أبو عبد الله: يغزو ولا عليه، فإن أعانه الله حجَّ، ولا نرى بالغزو قبل الحجِّ بأسًا (١).

قال أبو العباس: هذا مع أن الحج واجب على الفور عنده، لكن تأخيره لمصلحة الجهاد كتأخير الزكاة الواجبة على الفور؛ لانتظار قوم أصلح من غيرهم، أو لضرر أهل الزكاة، وتأخير الفوائت للانتقال عن مكان الشيطان، وهذا أجود ما (٢) ذكره بعض أصحابنا في تأخير النبي - صلى الله عليه وسلم - الحجَّ، إن كان وجب عليه متقدمًا، وكلام أحمد يقتضي جواز الغزو، وإن لم يبقَ معه مال للحجِّ، فإنه قال: فإن أعانه الله حجَّ، مع أن عنده تقديم الحجِّ أَولى، كما ذكره أولًا، قاله في "الاختيارات" (٣) في الجهاد.

(فإن عجز عن السعي إليه) أي: إلى الحجِّ والعُمْرة (لِكبَرٍ، أو زَمانَةٍ، أو مرض لا يُرْجى بُرؤه) كالسِلِّ (أو ثِقَلٍ لا يَقْدِرُ معه يركبُ إلا بمشقَّة شديدة، أو كان نِضْوَ الخِلْقة -وهو المهزولُ- لا يقدِرُ على الثبوتِ على الراحلة إلا بمشقَّة غير مُحتملةٍ، ويُسمَّى) العاجز عن السعي لزَمَانة ونحوها ممن تقدَّم ذكرهم (المعْضوب) من العَضْب، بالعين المهملة والضاد المعجمة، وهو: القطع، كأنه قُطع عن كمال الحركة والتصرُّف. ويقال: بالصاد المهملة، كأنه ضُرب على عصبه، فانقطعت أعضاؤه، قاله ابن جَماعة في "مناسكه" (٤) (أو أيِسَتِ المرأة من مَحْرَمٍ، لَزِمه) أي: من ذُكر (إن وَجَدْ نائبًا أن يقيم من بلده، أو من الموضع الذي أيس فيه) إن كان غير بلده (من يحجُّ عنه، ويعتمرُ) على


(١) مسائل ابن هانئ (٢/ ٩٦) رقم ١٥٩٠.
(٢) في "ذ": "مما".
(٣) ص / ٤٤٨.
(٤) هداية السالك إلى المذاهب الأربعة في المناسك (١/ ٣٥٠).