للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أن الوقف تمليك إما للرقبة أو المنفعة، وكلاهما لا يصح هنا، إذ لا يجوز له أن يُملِّك نفسَه من نفسِه، كبيعه ماله من نفسه.

(فإن فعل) بأن وقف على نفسه، ثم على من يصح الوقف عليه كولده (صُرِفَ) الوقفُ (في الحال إلى مَن بعدَه) لأن وجود من لا يصح الوقف عليه كعدمه، فيكون كأنه وقف على مَن بعدَه ابتداءً، فإن لم يذكر غيرَ نفسِه، فملكُه بحاله، ويورث عنه.

وعنه (١): يصح الوقف على النفس؛ اختارها جماعة. قال في "الإنصاف": عليها العمل في زمننا وقبله عند حكامنا من أزمنة متطاولة، وهو الصواب، وفيه مصلحة عظيمة، وترغيب في فعل الخير، وهو من محاسن المذهب. قال في "الفروع": ومتى حكم به حاكم حيث يجوز له الحكم، فظاهر كلامهم ينفذ حكمه ظاهرًا.

قال في "شرح المنتهى": ويؤخذ عنه جواز القضاء بالمرجوح من الخلاف. انتهى.

قلت: هذا في المجتهد، كما يُشْعِر به قوله: "حيث يجوز له الحكم". أما المقلِّد؛ فلا.

(وإن وقف) الإنسان (على غيره) كأولاده، أو مسجد (واستثنى كُلَّ الغلَّة له) أي: لنفسه؛ صح (أو) وقف على نحو مسجد واستثنى الغَلَّة (لولده، أو غيره مدَّةَ حياته، أو مدَّةً معينة، أو استثنى الأكلَ) مما وقفه (أو) استثنى (النفقةَ عليه، وعلى عياله) مما وقفه (أو) شرط (الانتفاعَ لنفسه وعياله، ونحوهم، ولو) كان الانتفاع (بسُكنى مدة حياتهم، أو)


(١) كتاب الوقوف من الجامع للخلال (١/ ٢٦٧) رقم (٣١ - ٣٣)، وكتاب الروايتين والوجهين (١/ ٤٣٥).