للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أخذتها اليد، والوديعة دفعت إليك، ولأنه أخذ ملك غيره لنفع نفسه منفردًا بنفعه من غير استحقاق، ولا إذن في إتلاف، فكان مضمونًا كالغصب، وقاسه في "المغني" و"الشرح" على المقبوض على وجه السَّوْمِ، فيضمنها المُستعير (بقيمتِها يوم التَّلفِ) لأنه حينئذ يتحقق فوات العارية، فوجب اعتبار الضمان به إن كانت متقوَّمة. ولعل المراد بيوم التلف وقتُه ليلًا كان أو نهارًا (بكُلِّ حال) أي: لا فرق بين أن يتعدَّى فيها، أو يُفرِّط فيها، أو لا (وإنْ شَرط نفيَ ضمانِها) أي: لم يسقط؛ لأن كل عقد اقتضى الضمان، لم يغيره الشرط كالمقبوض ببيع، فالشرط فاسد.

(وإن كانت) العارية (مِثليَّةً) وتلفت (فـ) ـضمانها (بمثلها) لأنه أقرب إليها من القيمة.

(وكل ما كان أمانةً) لا يزول عن حكمه بشرط ضمانه، كالوديعة والرهن (أو) كان (مضمونًا لا يزول عن حكمه بالشرط) لأن شَرْطَ خلاف مقتضى العقد فاسدٌ.

(ولو استعار وَقْفًا، ككُتُب علم وغيرها) كأدراع موقوفة على الغزاة (فتلفت بغير تفريط) ولا تعدٍّ (فلا ضمان) قال في "شرح المنتهى": ولعلَّ وَجْهَ عدم ضمانها لكون قبضها ليس على وجه يختص المستعير بنفعه؛ لكون تعلُّم العلم وتعليمه والغزو من المصالح العامة؛ أو لكون الملك فيه ليس لمعين؛ أو لكونه من جملة المستحقين له، أشبه ما لو سقطت قنطرة موقوفة بسبب مشيه عليها، والله أعلم. وفي التعليل الأول نظرٌ، إذ عليه لا فرق بين الملك والوقف، ومقتضى التعليلين الأخيرين: أن ذلك لو كان وقفًا على معيَّن، وتلف، ضمنه مستعيره كالطِّلْقِ، وهو ظاهر، ولم أره.