لأنه قد ثبت إرثه، والأصل عدم الشريك فيه (ويُعطى ذو الفرض فَرْضَه كاملًا) ولا يُوقف له شيء حيث لا حَجْب، كزوجةٍ مع الأخ المشهود له بذلك، فَتُعطى الربع كاملًا، وقيل: اليقين، وهو ثُمنٌ عائلًا للزوجة، وسدس عائلًا للأم.
(وإن قالا) أي: الشاهدان: (لا نعلم له وارثًا غيره في هذه البلد، أو بأرض كذا، فكذلك) لأن الأصل عَدَمُهُ في غير هذا البلد، وقد نفيا العِلْم به في هذا البلد، فصار في حكم المُطْلَق، و(لا) يحكم له بإرثه (إن قالا: لا نعلم له وارثًا في البيت.
ثم إن شهدا أن هذا وارثه؛ شارك الأول) لأنه لا تنافي بينهما؛ ولو كانا قالا أوّلًا: لا نعلم له وارثًا غيره؛ لأن الإثبات يقدم على النفي.
(وإن شَهِدت بينةٌ أنّ هذا ابنُهُ لا وارثَ له غيره، و) شَهِدت (بينةٌ أخرى لآخرَ أنَّ هذا ابنُهُ لا وارث له غيرُه، ثَبَتَ نسبهما) لعدم التنافي بينهما (وقسم المال بينهما) عملًا بما أثبتته كلٌّ من البيّنتين، وإلغاءً للنفي، وإنْ شَهِدا أنه وارثه فقط، سُلِّم إليه بكفيل. قال الموفق في "فتاويه": إنما احتاج إلى إثبات أنْ لا وارث له سواه، لأنه يعلم ظاهرًا، فإنه بحكم العادة يعرفُهُ جارُهُ، ومَن يعرفُ باطنَ أمره، بخلاف دَيْنهِ على الميت، لا يحتاج إلى إثبات: لا دَيْن سواه؛ لخفاء الدين.
"تنبيه": قال الأَزَجي في من ادعى إرثًا: لا يحوج في دعواه إلى بيان السبب الذي يرث به، وإنما يدعي الإرثَ مطلقًا؛ لأن أدنى حالاته: أن يرثه بالرَّحِم، وهو صحيحٌ على أصلنا. فإذا أتى ببينة، فشَهِدَت له بما ادَّعاه، مِن كونه وارثًا؛ حكم له به.