للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: لا يلزم من عدم صحة الإبراء من العين، ولا من عدم صحة البيع في المجهول، عدم صحة الصلح عنه؛ لأنه أوسع، بدليل ما لو صالح الورثة من وُصِّيَ له بخدمة أو سُكنى، أو حَمْلِ أَمَة بدراهم مسماة، فإنه يصح الصلح، كما في "المنتهى" وغيره، مع أنه لا يجوز بيع ذلك، والحمل عين، فلا تصح البراءة منه.

فصل

(القسم الثاني) من قسمي الصلح: (الصلح على إنكار (١)) وذلك (بأن يدَّعي) إنسان (عليه عينًا في يده، أو دَينًا في ذمته، فينكره) المدَّعى عليه (أو يسكت وهو يجهله) أي: المدَّعى به (ثم يصالحه على مال، فيصح) الصلح في قول أكثر العلماء؛ لعموم ما سبق (٢).

فإن قيل: قال - صلى الله عليه وسلم -: "إلا صُلحًا أحلَّ حرامًا" (٣) وهذا داخل فيه؛ لأنه لم يكن له أن يأخذ من مال المدَّعى عليه، فحل بالصلح.

فالجواب: أنه لا يصلح (٤) دخوله فيه، ولا يمكن حَمْل الخبر عليه لأمرين:

أحدهما: أن ما ذكرتم يوجد في الصلح بمعنى الهِبة، فإنه يحل للموهوب ما كان حرامًا.

الثاني: لو حَلَّ به المحرَّم، لكان الصلح صحيحًا؛ لأن الصلح الفاسد لا يحل الحرام، وإنما معناه ما يتوصَّل به إلى تناول المحرَّم مع


(١) في "ح" و"ذ": "الإنكار".
(٢) (٨/ ٢٧٦).
(٣) تقدم تخريجه (٨/ ٢٧٦) تعليق رقم (٥).
(٤) في "ح" و"ذ": "لا يصح".