للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(و) من حلف: (لا يأكل شيئًا، فأكله مستهلكًا في غيره، مثل: أن) حلف: (لا يأكل لبنًا، فأكل زُبدًا) لا يظهر فيه طعم اللبن (أو) حلف: (لا يأكل سمنًا، فأكل خبيصًا فيه سمن لا يظهر طعمه فيه، أو) حلف: (لا يأكل بيضًا، فأكل ناطفًا، أو لا يأكل شحمًا، فأكل اللحم الأحمر، أو لا يأكل شعيرًا، فأكل حنطة فيها حباتُ شعير، لم يحنث) لأن المستهلَك لا يقع عليه اسم الذي حلف عليه، فلم يحنث بأكل المستهلَك فيه؛ ولأن المستهلَك في الشيء يصير وجوده كعدمه، والظاهر من الحالف على ذلك أنّه حلف لمعنىً في المحلوف عليه (وإن ظهر طعم شيء من المحلوف عليه) فيما أكله (حَنِثَ) كما لو أكله منفردًا.

(و: لا يأكل سويقًا، فشربه، أو: لا يشربه) أي: السويق (فأكله، حَنِثَ) لأن الحالف على ترك شيء يقصد به في العُرف اجتناب ذلك الشيء بالكلية، فحملت يمينه على ذلك، ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهُمْ} (١)، فإنه يتناول تحريم شربها.

ولو قال طبيب لمريض: لا تأكلِ العسلَ، كان ناهيًا له عن شربه وبالعكس.

(و) إن حلف: (لا يأكل ولا يشرب، فمَصَّ قَصَب السُّكر، أو) مصَّ (الرُّمان ونحوه، لم يحنث) لأنه في العُرف لا يُسمَّى أكلًا ولا شربًا.

(وكذا) لو حلف: (لا يأكل سُكّرًا، فَتَرَكه في فيه حتى ذاب وابتلعه) لم يحنث؛ لأنه ليس أكلًا حقيقة كما تقدم (٢) عن الرُّمَّاني.

(و) لو حلف عن شيء: (لا يطعمه، حَنِثَ بأكله وشربه ومصِّه)


(١) سورة النساء، الآية: ٢.
(٢) (١٤/ ٤٣٩).