للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فاعلها أن يكون من أهل القُربة، فجاز الاستئجار عليها كالبناء، ولأن بالناس حاجة إليها، ولا يجد كل أحد متبرِّعًا بها، فجاز الاستئجار عليها، كالرضاع.

(ويُكره للحُرِّ أكل أجرته، كـ) ـما يُكره للحُرِّ (أخذ) أي: أكل (ما أعطاه) المحتجم (بلا شرط، ويطعمه الرقيق والبهائم) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كسبُ الحجَّامِ خبيثٌ" متفق عليه (١)، وقال: "أطعمهُ ناضحكَ ورقيقكَ" رواه الترمذي وحسنه (٢)، فدلَّ على إباحته، إذ غير جائز أن يطعم رقيقه ما يحرم أكله، فإن الرقيق آدمي؛ يُمنع عما يمنع منه الحُر، ولا يلزم من تسميته خبيثًا التحريم؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - قد سَمَّى البصلَ والثومَ خبيثين مع إباحتهما (٣)، وخَصَّ الحُرَّ بذلك؛ تنزيهًا له.

(ويصح استئجارُه لحَلْقِ الشَّعر) المطلوب، أو المباح أخذه (و) لـ (ـتقصيره، ولخِتانٍ، وقطع شيء من جسده؛ للحاجة إليه) أي: إلى قطعه لنحو أَكِلَة (٤)؛ لأن ذلك منفعة مباحة مقصودة، ولا يُكره أكل أجرته، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "كَسْبُ الحجَّام خبيثٌ"، يعني بالحجامة، كما نهى عن مهر البغي (٥)، وكما لو كسب بصناعة أخرى.


(١) تقدم تخريجه (٩/ ٦٠) تعليق رقم (١).
(٢) تقدم تخريجه (٩/ ٦٠) تعليق رقم (٢).
(٣) انظر تخريجه (٣/ ٢٤٦) تعليق رقم (١)، و (٥/ ٤٠٠) تعليق رقم (٢، ٣).
(٤) الأكِلَة: عِلَّة يحدث منها جُرح يتأكَّل منه البدن. النظم المستعذب (١/ ٢٢٩)، ولسان العرب (١١/ ٢٢) مادة (أكل).
(٥) أخرج البخاري في البيوع، باب ١١٣، حديث ٢٢٣٧، وفي الإجارة، باب ٢٠، حديث ٢٢٨٢، وفي الطلاق، باب ٥١، حديث ٥٣٤٦، وفي الطب، باب ٤٥، حديث ٥٧٦١، ومسلم في المساقاة، حديث ١٥٦٧، عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: "نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن ثمن الكلب، وحُلوان الكاهن، ومهر البغي".