للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه قضايا اشتهرت، ولم يخالفهم أحد في عصرهم، فكان كالإجماع؛ ولأن التسليم المستحق وُجد من جهتها، فيستقر به البدل، كما لو وطئها، أو كما لو أجَّرت دارها وسلَّمتها، أو باعتها.

وأما قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} (١) فيحتمل أنه كَنّى بالمسبب عن السبب الذي هو الخلوة؛ بدليل ما ذكرنا.

وأما قوله: {وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ} (٢) فقد حُكِي عن الفرَّاء (٣) أنه قال: "الإفضاء: الخلوة, دَخَل بها أو لم يدخل"؛ لأن الإفضاء مأخوذ من الفضاء، وهو الخالي، فكأنه قال: وقد خلا بعضكم إلى بعض.

ويُشترط للخلوة المقرِّرة أن تكون (عن بالغٍ ومميز، ولو) كان كافرًا وأعمى، نصًّا (٤)) ذكرًا كان أو أنثى، عاقلًا أو مجنونًا، وسواء كان الزوجان مسلمين أو كافرين، أو الزوج مسلمًا والزوجة كتابية (ولو كان) الزوج (الخالي) بزوجته (أعمى، أو نائمًا مع علمه) بأنها عنده (إن لم تمنعه) الزوجة من وطئها، فإن منعته منه لم يتقرَّر الصَّداق؛ لأنه لم


= والبيهقي (٧/ ٢٥٥)، وابن الجوزي في التحقيق (٢/ ٢٨٤) رقم ١٦٨٢.
وأثر علي أخرجه - أيضًا - عبد الرزاق (٦/ ٢٩٠) رقم ١٠٨٨٤، وسعيد بن منصور (١/ ١٩١) رقم ٧٦١، وابن أبي شيبة (٣/ ٢٣٤ - ٢٣٥)، والطحاوي في شرح مشكل الآثار (٢/ ١١٠)، والدارقطني (٣/ ٣٠٦ - ٣٠٧)، والبيهقي (٧/ ٢٥٥)، وابن الجوزي في التحقيق (٣/ ٢٨٥) رقم ١٦٨٣.
قال ابن كثير في مسند الفاروق (١/ ٤٣٣): وهذه طرق يشد بعضها بعضًا.
(١) سورة البقرة، الآية: ٢٣٦.
(٢) سورة النساء، الآية: ٢١.
(٣) معاني القرآن (١/ ٢٥٩).
(٤) انظر: الفروع (٥/ ٢٧١ - ٢٧٢).