للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الشهود ألزموه للزوج بشهادتهم بطلاقها، كما يغرم ذلك من فسخ نكاحه برضاع ونحوه.

(وإن كان) الطلاق المشهودُ به (بعدَه) أي: بعد الدُّخول، وحكم بشهادتهم، ثم رجعوا (ولو) كان الطلاق (بائنًا؛ لم يغرموا) أي: الشهود شيئًا من المهر؛ لأن المهر قد تقرَّر عليه كله بالدخول، فلم يقرروا عليه (شيئًا) بشهادتهم، ولم يُخْرِجوا عن ملكه شيئًا متقوّمًا، أشبهوا قاتلها.

(وإن رجع شهودُ قِصاصٍ، أو) شهود (حَدٍّ، بعد الحُكمِ) بشهادتهم (وقبلَ الاستيفاء، لم يُستوفَ) القَوَد ولا الحَدّ؛ لأن المحكوم به عقوبة لا سبيل إِلَى جَبْرها إذا استُوفيت؛ بخلاف المال؛ ولأن رجوعَ الشهود شُبهة لاحتمال صدقهم، والقَوَد والحَدُّ يُدرآن بالشُّبهة (ووجبت دِيةُ قَوَدٍ للمشهُودِ له) لأن الواجب بالعَمْد أحد شيئين، وقد سقط أحدُهما، فتعيَّن الآخرُ. ويرجع المشهودُ عليه بما غَرِمه من الدية على الشهود (ويُستوفى) القِصاص أو الحَدّ (إذا طرأ فِسقُهم) بعد الحكم بشهادتهم. هذا مقتضى كلامهم في "الإنصاف"، و"المبدع". وتقدَّم (١) فِي آخر الموانع أنَّه لا يُستوفى حَدٌّ ولا قَوَد إذًا، بل المال.

(وإن كان) رجوعهم عن الشهادة، أو فِسقُهم (بعد الاستيفاء) للمحكوم به (لم يبطل الحكم) لأنه قد تَمَّ بشروطِه (ولا يلزم المشهودَ له شيءٌ، سواءٌ كان المشهودُ به مالًا أو عقوبة) لأن قول الشهود غير مقبول فِي نقض الحكم؛ لما تقدم.

(فإن قالوا) أي: الشهود: (عَمَدْنا عليه بالزُّور ليُقتل، أو يُقطع،


(١) (١٥/ ٣٢١).