للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المضمون عنه؛ لأنه قضاء مبرئ من دَيْنٍ واجب، فكان من ضمان من هو عليه، كالحاكم إذا قضاه عنه عند امتناعه، فكان له الرجوع، وسواء قبض الغريم من المحال عليه، أو أبرأه، أو تعذَّرَ عليه الاستيفاء لفَلَس أو مَطْل؛ لأن نفس الحوالة كالإقباض (ولو كان الضمان والقضاء) بغير إذن المضمون عنه (أو) كان (أحدهما) أي: القضاء أو الضمان (بغير إذن المضمون عنه) وأجاب في "المغني" و"الشرح" عن قضية أبي قتادة - رضي الله عنه - (١): بأنه تبرُّعٌ بالضمان والقضاء؛ قَصْدًا لتبرئة ذمته - أي: الميت - ليصلِّي - صلى الله عليه وسلم - عليه، مع علمه بأنه لم يترك وفاءً.

(وإن لم ينوِ) الضامن حال القضاء أو الحوالة (رجوعًا ولا تبرُعًا، بل ذَهَل عن قصد الرجوع وعدمه، لم يرجع) الضامن على المضمون عنه بشيء كالمتبرِّع؛ لعدم قصده الرجوع.

(وكذا حكم من أدَّى عن غيره دينًا واجبًا) كفيلًا كان، أو أجنبيًّا، إن نوى الرجوع رجع، وإلا؛ فلا.

(لا) من أدَّى (زكاةً ونحوها) كنذر وكفَّارة, وكل ما افتقر إلى نية، فلا رجوع له، ولو نوى الرجوعَ؛ لأنه لا يبرأ المدفوع عنه بذلك؛ لعدم النية منه.

(ويرجع الضامن) وكل من أدَّى عن غيره دينًا واجبًا بنية الرجوع، حيث قلنا: يرجع (بأقل الأمرين مما قضى) به الدَّين (حتى قيمة عَرْض عوَّضه) لربِّ الدَّيْن (به، أو قدْرِ الدَّين) لأنه إن كان الأقل الدين، فالزائد لم يكن واجبًا عليه، فهو متبرِّع بأدائه، وإن كان المقضي أقلَّ، فهو إنما يرجع بما غرم، ولهذا لو أبرأه غريمه، لم يرجع بشيء.


(١) تقدم تخريجه (٨/ ٢٣٣) تعليق رقم (١).