للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ويحرم أن تسترضع (١) الأمة لغير ولدها) لأن فيه إضرارًا بولدها، للنقص من كفايته، وصَرْف اللبن المخلوق له إلى غيره مع حاجته إليه كنقص الكبير عن كفايته (إلا) أن يكون فضل عنه شيء (بعد ريِّه) لأنه ملكه، وقد استغنى عنه الولد، فكان له استيفاؤه (كما لو مات ولدها، وبقي لبنها.

ولا يجوز له) أي: السيد (إجارتُها) أي: الأمة المزوَّجة (بلا إذن زوج في مدَّةِ حقِّه) لاشتغالها عنه برضاع وحضانة (ويجوز) إيجارها (في مدة حقِّ السيد) لأن له استيفاء حقّه بنفسه ونائبه (ما لم يضرّ بها) أي: الأَمَة، فلا يجوز؛ لما فيه من الضرر المنهي عنه.

(وتجوز المخارَجَةُ باتفاقهما) إذا كان ما جعل على العبدِ (بقَدْر كسب العبد فأقلَّ، بعد نفقته) لما روي أن أبا طيبةَ حَجَم النبيَّ - صلى الله عليه وسلم -، فأعطاه أجره، وأمر مَواليه أن يُخفِّفوا عنه من خراجه (٢). وكان كثير من الصحابة يضربون على رقيقهم خَراجًا (٣)، وروي أن الزبير (٤) كان له ألفُ مملوك، على كل واحد منهم درهم كل يوم.

(وإلا) أي: وإن لم يكن للعبد كَسْب، أو وضع عليه أكثر من كسبه (لم يجز) لأنه تكليف له بما لا يُطِيقه.


(١) في متن الإقناع (٤/ ٧١): "يسترضع".
(٢) أخرجه البخاري في البيوع، باب ٣٩، ٩٥، حديث ٢١٠٢، ٢٢١٠، وفي الإجارة، باب ١٧، حديث ٢٢٧٧، وفي الطب، باب ١٣، حديث ٥٦٩٦، ومسلم في المساقاة، حديث ١٥٧٧.
(٣) منهم المغيرة بن شعبة - رضي الله عنه -. انظر: طبقات ابن سعد (٣/ ٣٤٥).
(٤) أخرج أبو نعيم في الحلية (١/ ٩٠)، والبيهقي (٨/ ٩)، وابن عساكر في تاريخه (١٨/ ٣٩٩، ٤٠٠، ٦٢/ ٣٢٧) عن مغيث بن سمي، قال: كان للزبير بن العوام - رضي الله عنه - ألف مملوك يؤدي إليه الخراج، فلا يدخل بيته من خراجهم شيئًا.