للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شيئًا، أو من ثمن مبيع، فقال: ما ابتعتُ منه شيئًا، ثم ثبت أنه اقترض، أو اشترى ببينة، أو إقرار، فقال: قضيته من قبل هذا الوقت، أو أبرأني من قبل هذا الوقت، لم يُقبل منه، ولو أقام به بينة؛ لأن القضاء أو الإبراء لا يكون إلا عن حَقٍّ سابق، وإنكار الحق يقتضي نفي القضاء، أو الإبراء منه، فيكون مكذِّبًا لدعواه وبينته، فلا تُسمع لذلك.

واحترز بقوله: "سابقًا على إنكاره" عمَّا لو ادَّعى قضاءً، أو إبراءً بعد إنكاره، فإنه تُسمَع دعواه بعد ذلك، وتُقبل بينته؛ لأن قضاءه بعد إنكاره كالإقرار به، فيكون قاضيًا لما هو مُقِرٌّ به، فَتُسمع دعواه به كغير المُنكِر، وإبراء المدعي بعد الإنكار إقرار بعدم استحقاقه، فلا تنافي بين إنكاره وإبراء المدعي، فَتُسمع البينة بذلك.

(وإن شهدت البينةُ للمُدعِي) بما ادعاه (فقال المدعى عليه: أحْلِفُوه أنه يستحقُّ ما شهدتْ به البينة، لم يُحلَّف) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "شاهداك أو يمينه" (١) وقوله: "البينة على المدعي واليمين على من أنكر" (٢)؛ ولأن فيه تُهمة للبينة.

(وإن ادَّعى) أحدُ المتبايعين على الآخر (أنه أقاله في بيع) أو إجارة وأنكره (فله تحليفه) إن لم تكن له بينة؛ لأن الأصل عَدَمُها، وإن قال: قتلتَ دابتي، ولي عليك قيمتها ألف، فقال: لا يلزمني، أو: لا تستحقه علي ولا شيء منه؛ فقد أجاب.


(١) أخرجه مسلم في الإيمان، حديث ١٣٨ (٢٢١)، عن ابن مسعود رضي الله عنه.
(٢) تقدم تخريجه (٨/ ٢٤٤) تعليق رقم (١).