للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجوب الشهادة لهما أو عليهما؛ لقوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ} (١)؛ ولأن الشهادة أمانة، فلزِمه أداؤها، كالوديعة.

(ولو أدَّى شاهدٌ، وأبى الآخرُ، وقال) لربِّ الحَقِّ: (احلِفْ أنت بدلي؛ أثِمَ) اتفاقًا؛ قاله في "الترغيب"؛ لما تقدم.

(ولو دُعي فاسقٌ إلى تحمُّلها) أي: الشهادة (فله الحضور، ولو مع وجود غيره؛ لأن التحمُّل لا يُعتبر له العدالة) بخلاف الأداء، فلو لم يؤدِّ حتى صار عدلًا قُبلت.

(ومَن شَهِد) بحقٍّ ولو (مع ظهور فِسْقه، لم يُعزَّر؛ لأنه) أي: فِسْقه (لا يمنع صِدقه) قاله في "الفروع" (فدل أنه لا يحرم أداءُ الفاسق، و) إلا لعُزّر، يؤيده أن الأشهر: (لا يضمن مَن بان فِسْقُه) ويتوجَّه التحريم عند مَن ضَمَّنه، ويكون علة لتضمينه.

(ويحرم أخْذُ أُجرة وجُعْلٍ عليها) أي: الشهادة (تحمُّلًا وأداءً، ولو لم تتعيَّن عليه) لأن فَرْضَ الكفاية إذا قام به البعضُ وقع منه فرضًا، ولا يجوز أخذ الجعل عليه، كصلاة الجِنازة.

(لكن إنْ عَجَزَ) الشاهد (عن المشي، أو تأذَّى به، فله أخْذُ أُجرة مركوب من ربِّ الشهادة) قال في "الرعاية": فأُجرة المركوب والنفقة على رَبّها. قلت: هذا إن تعذَّر حضور المشهود عليه إلى محلّ الشاهد، لمرض، أو كِبر، أو حبس، أو جاهٍ (٢)، أو خفر. انتهى.

(وفي "الرعاية": وكذا) أي: كالشاهد في أخْذِ أُجرةٍ وجُعْل (مُزَكٍّ،


(١) سورة النساء، الآية: ١٣٥.
(٢) في "ذ": "أو خوفٍ".