للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النكاح، فكان لازمًا، كما لو اشترطت كون المهر من غير نقد البلد.

وأما قوله - صلى الله عليه وسلم -: "كل شرطٍ ليس في كتاب الله فهو باطل" (١) أي: ليس في حكم الله وشرعه، وهذا مشروع، وقد ذكرنا ما دلَّ على مشروعيته، وعلى من نفى ذلك الدليل.

وقولهم: إنَّ هذا يحرِّم الحلال، ليس كذلك، وإنما يثبت للمرأة - إذا لم يف به - خيارُ الفسخِ.

وقولهم: إنَّه ليس من مصلحة العقد؛ ممنوع؛ فإنَّه من مصلحة المرأة، وما كان من مصلحة العاقد، كان من مصلحة العقد، كاشتراط الرهن في البيع.

(ولا يجب الوفاء به) أي: بالشرط الصحيح (بل يُسنُّ) الوفاء به؛ لأنَّه لو وجب الوفاءُ لأجبر الزَّوج عليه، ولم يُجبره عمر، بل قال: "لها شرطها". (فإن لم يفعل) أي: يَفِ الزوجُ لها بشرطها (فلها الفسخ) لما تقدَّم عن عمر؛ ولأنَّه شرطٌ لازمٌ في عقد، فثبت حق الفسخ بترك الوفاء به؛ كالرَّهن والضمين في البيع، وحيث قلنا: تفسخ، فبفعله ما شرط ألّا يفعله (لا بعزمه) عليه، خلافًا للقاضي؛ لأنَّ العزم على الشيء ليس كفعله (وهو) أي: الفسخ - إذًا - (على التَّراخي) لأنَّه خيار ثبت (٢) لدفع الضَّرر، فكان على التَّراخي؛ تحصيلًا لمقصودها، كخيار العيب والقصاص.

فـ(ـــلا يَسقط) الخيار (إلا بما يدلُّ على الرِّضا) منها (من قول، أو تمكينٍ منها مع العلم) بفعله ما شرطت ألَّا يفعله، فإن لم تعلم بعدم الوفاء ومكَّنته؛ لم يسقط خيارها؛ لأنَّ موجَبه لم يثبت، فلا يكون له أثر،


(١) تقدم تخريجه (٧/ ٤٠٠) تعليق رقم (٣).
(٢) في "ذ": "يثبت".