للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فعلى المذهب: لا تصح المساقاة على ما ليس له ثمر مأكول، كالصفصاف، والسَّرْو (١)، والورد ونحوها؛ لأنه ليس منصوصًا عليه، ولا في معنى المنصوص عليه؛ ولأن المساقاة إنما تكون بجُزء من الثمرة، وهذا لا ثمرة له.

(وقال الموفَّق) والشارح: (تصح) المساقاة (على ما لَه وَرَقٌ يُقصَد، كتوت، أو له زهر يُقصد، كورد ونحوه) كياسمين؛ إجراء للورق والزهر مجرى الثمرة (وعلى قياسه) أي: قياس ما له وَرَق أو زهر يُقصد (شجرٌ له خشبٌ يُقصد، كحَوَر وصَفْصَاف) لكن صرَّح الموفَّق والشارح: أنها لا تصح في الصنوبر والحَوَر والصَّفْصَاف ونحوها بلا خلاف، مع أن خشبه مقصودٌ - أيضًا - فكيف يُقاس على كلامهما ما صرَّحا بنفيه؟! إلا أن يقال:


= أحمد: حديث رافع بن خديج ألوان. وقال أيضًا: حديث رافع ضروب. . . الرابع: أنه تارة يحدثه عن بعض عمومته، وتارة عن سماعه، وتارة عن رافع بن ظهير، مع اضطراب ألفاظه، فمرة يقول: "نهى عن الجعل"، ومرة يقول: "عن كراء الأرض"، ومرة يقول: "لا يكاريها بثلث، ولا ربع، ولا طعام مسمى"، وإذا كان شأن الحديث هكذا وجب تركه، والرجوع إلى المستفيض المعلوم من فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه من بعده، الذي لم يضطرب ولم يختلف. الخامس: أن من تأمل حديث رافع، وجمع طرقه، واعتبر بعضها ببعض، وحمل مجملها على مفسرها، ومطلقها على مقيدها، علم أن الذي نهى منه النبي - صلى الله عليه وسلم - من ذلك أمر بين الفساد، وهو المزارعة الظالمة الجائرة ....
وقال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (٥/ ٢٤): وقد استظهر البخاري لحديث رافع بحديث جابر وأبي هريرة؛ رادًّا على من زعم أن حديث رافع فرد وأنه مضطرب، وأشار إلى صحة الطريقين عنه حيث روى - أي: رافع - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد روى عن عمه عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأشار إلى أن روايته يغير واسطة مقتصرة على النهي من كراء الأرض، وروايته عن عمه مفسرة للمراد، وهو ما بينه ابن عباس في روايته من إرادة الرفق والتفضيل، وأن النهي عن ذلك ليس للتحريم.
(١) السَّرو: فارسي، واحدته بهاء، وهو شجر العرعر، وهو شجر عظيم جبلي، لا يزال أخضر، له ثمر أمثال النبق، يبدو أخضر، ثم يبيض، ثم يسود حتى يكون كالحمم. انظر: لسان العرب (٤/ ٥٦٠) مادة (عرر).