للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا) بيع (تِرياق (١) يقع فيه لحوم الحيَّات) لأن نفعه إنما يحصُل بالأكل، وهو محرَّم، فخلا من نفع مباح، ولا يجوز التداوي به، ولا بسم الأفاعي. ويصح بيع التِّرياق الخالي من لحوم الحيَّات ومن الخمر؛ لأنه مباح كسائر المعاجين الخالية من محرَّم.

(ولا) بيع (سموم قاتلة، كسم الأفاعى) لخلوها من نفع مباح (فأما السم من الحشائش والنبات، فإن كان لا ينتفع به، أو كان يقتل قليله، لم يجز بيعه) لما تقدم (وإن انتفع به، وأمكن التداوي بيسيره، كالسَّقَمونيا (٢) ونحوها، جاز بيعه) لما فيه من النفع المباح.

(ويَحرم بيع مصحف، ولو في دَينٍ) قال أحمد (٣): لا نعلم في بيع المصحف رخصة. قال ابن عمر: "وَدِدتُ أنَّ الأيدي تُقطعُ في بَيعها" (٤) ولأن تعظيمه واجب، وفي بيعه ابتذالٌ له، وتركٌ لتعظيمه.

(ولا يصحُّ) بيع المصحف، مقتضى كلامه في "الإنصاف": أنه


(١) الترياق: فارسي معرَّب، وقيل: رومي معرَّب، دواء للسموم، وقد يُستخدم في تحضيره لحوم الحيَّات، نافع من لدغ الهوام السّبُعية. انظر: الصحاح (٤/ ١٤٥٣)، والمصباح المنير ص / ١٠٢، والقاموس المحيط ص / ٨٧٠، مادة، (ترق).
(٢) السقمونيا: نبات يستخرج من تجاويفه رطوبة دبقة وتجفف وتدعى باسم نباتها أيضًا، مضادَّتها للمعدة والأحشاء أكثر من جميع المسهلات. القاموس المحيط ص / ١٤٤٧، مادة: (سقم).
(٣) مسائل الكوسج (٦/ ٢٦٠٧) رقم ١٨٢٥، وانظر مسائل عبد الله (٣/ ٩٢٤ - ٩٢٥، ٩٣٩) رقم ١٢٤٧ - ١٢٤٨، ١٢٧٠، مسائل أبي داود ص / ١٩١.
(٤) أخرجه عبد الرزاق (٨/ ١١٢، ١١٤) رقم ١٤٥٢٥، ١٤٥٢٩، وسعيد بن منصور (٢/ ٣٨٥) رقم ١٢٤، وابن أبي شيبة (٦/ ٦٢)، وأحمد في العلل ومعرفة الرجال (٣/ ١٨٣) رقم ٤٧٩٠، وابن أبي داود في "المصاحف" ص / ١٦١، وأبو القاسم البغوي في الجعديات (٢/ ٨٤٥) رقم ٢٣٣٦، والبيهقي (٦/ ١٦)، والخطيب في الموضح (٢/ ١٤٦). وصححه ابن حزم في المحلى (٩/ ٤٧).