للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وتقدم في الجهاد (١) أن الصنائع فرضُ كفاية، فينبغي لكل ذي صناعة أن ينوي بها القيام بذلك الفرض لتنقلب طاعة ويثاب عليها؛ لحديث: "إنما الأعمالُ بالنِّياتِ" (٢).

(ويُستحبُّ الغرسُ والحَرْثُ) أي: الزرع (واتخاذُ الغنمِ) للخبر (٣).

(وإن رمى صيدًا، فأثبته) بأن صار غير ممتنع (مَلَكه) المثبت له؛ لحيازته له.

(ثم إن رماه آخر فقتله، فإن كانت رميةُ الأول مُوَحِّيَةً (٤)، بأن نحرته، أو ذبحته، أو وقعت في حُلْقومه، أو قلبه، وجراحة الثاني غير مُوَحِّيَة) حَلَّ (أو أصاب) الثاني (مذبحه، أو نَحَرَته؛ حَلَّ) لأنه ذكي (ولا ضمان على الثاني إلا ما نقصه من خرق جلده ونحوه) لأنه لم يتلف سوى ذلك المحل.

(وإن كان) الجرح (الأول غير مُوَحٍّ، حَرُم). لأنه صار مقدورًا عليه بإثبات الأول، فلم يُبح إلا بذبحه، ولم يوجد.

(ويَغْرَمُ) الثاني (قيمَته للأول مجروحًا بالجرح الأول) لأنه أتلفه


(١) (٧/ ٧).
(٢) تقدم تخريجه (١/ ١٩٣) تعليق رقم (٢).
(٣) أخرج البخاري في المزارعة، باب ١، حديث ٢٣٢٠، وفي الأدب، باب ٢٧، حديث ٦٠١٢، ومسلم في المساقاة، حديث ١٥٥٣، عن أنس رضي الله عنه، قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: ما من مسلم يغرس غرسًا، أو يزرع زرعًا، فيأكل منه طير، أو إنسان، أو بهيمة، إلا كان به صدقة. وأخرج البخاري في الإيمان، باب ١٢، حديث ١٩، وفي بدء الخلق، باب ١٥، حديث ٣٣٠٠، وفي المناقب، باب ٢٥، حديث ٣٦٠٠، وفي الرقاق، باب ٣٤، حديث ٦٤٩٥، وفي الفتن، باب ١٤، حديث ٧٠٨٨، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: يوشك أن يكون خير مال المسلم غنمٌ يتّبع بها شعف الجبال ومواقع القطر، يفرُّ بدينه من الفتن.
(٤) تقدم شرحها (٦/ ٢١٤) تعليق رقم (٢).