للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القارن كعمل المفرد.

(وإن جامع) المُحْرم (بعد التحلُّل الأول، وقبل) التحلُّل (الثاني) بأن رمى جمرة العقبة، وحلق مثلًا، ثم جامع قبل الطواف (لم يفسد حَجُّه قارنًا كان، أو مفرِدًا) أو متمتعًا؛ لقول ابن عباس في رجل أصاب أهله قبل أن يفيض يوم النحر: "ينحرانِ جزورًا بينهما، وليس عليه الحج من قابلٍ"، رواه مالك (١). ولا يُعرف له مخالفٌ في الصحابة (لكن فَسَد إحرامُه) بالوطء (فيمضي إلى الحِلِّ) التنعيم أو غيره، ليجمع بين الحِلِّ والحرم (فيُحرِمُ منه ليطوف للزيارة في إحرام صحيح، ويسعى إن لم يكن سعى وتحلَّل؛ لأن الذي بقي عليه بقية أفعَال الحج، وليس هذا عُمْرة حقيقية (٢)) والإحرام إنما وجب ليأتي بما بقي من الحج، هذا ظاهر كلام جماعة، منهم الخرقي. فقول أحمد (٣)، ومن وافقه من الأئمة: إنه يعتمر، يحتمل أنهم أرادوا هذا، وسموه عُمْرة؛ لأن هذه أفعالها، وصحَّحه في "المغني" و"الشرح"، ويحتمل أنهم أرادوا عُمرة حقيقة، فيلزمه سعيٌ وتقصيرٌ، وعلى هذا نصوص أحمد (٣)، وجزم به القاضي، وابن عقيل، وابن الجوزي؛ لما سبق عن ابن عباس؛ ولأنه إحرام مستأنف، فكان فيه طواف، وسعي، وتقصير، كالعُمْرة المفردة، والعُمْرة تجري مجرى الحجِّ بدليل القرآن بينهما، قاله في "المبدع"


(١) في الموطأ (١/ ٣٨٤). وأخرجه -أيضًا- الدارقطني (٢/ ٢٧٢)، والبيهقي (٥/ ١٧١).
(٢) في "ذ" والإقناع (١/ ٥٨٧): "حقيقة".
(٣) مسائل أبي داود ص / ١٢٩، ومسائل أبي الحارث، ومسائل الميموني، ومسائل ابن منصور، ومسائل ابن الحكم، ومسائل المروذي، ومسائل الفضل بن زياد كما في كتاب الحج من شرح العمدة لشيخ الإسلام (٣/ ٢٣٥، ٢٣٨ - ٢٣٩).