للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي رواية أبي هريرة: "رِجلُ العجماءِ جبارٌ" (١)، فَدَلَّ على وجوب الضمان في جناية غيرها. وخصص بالنفح (٢) دون الوطء؛ لأن من بيده الدابة يمكنه أن يجنبها وطء ما لا يريد أن تطأه، بتصرفه فيها، بخلاف نفحها، فإنه لا يمكنه أن يمنعها منه، وحيث وجب الضمان، وكان المجني عليه مما تحمله العاقلة، فهي عليها، كما صَرَّحَ به المجد في "شرحه" بما يقتضي أنه محل وفاق.

ومحل عدم ضمان ما نفحت برجلها (ما لم يكبَحْها) أي: يجذبها باللِّجام (زيادةً على العادة، أو يضرِبْها في وجهها) فيضمن؛ لتسببه في جنايتها (ولو) فعل ذلك (المصلحة) تدعو إليه.

(ولا يضمن) الراكب ونحوه (ما جنت) الدابة (بذَنَبها) لأنه لا يمكن التحفظ منه.

(ويضمن) - أيضًا - الراكب ونحوه (ما جنى ولدُها) ولو لم يفرط؛ لأنه تبعُها. وظاهره: سواء جنى بيده، أو فمه، أو رجله، أو ذنبه. ولو قيل: يضمن منه ما يضمن منها فقط، لكان له وجه.

(ومن نَفَّرها) أي: البهيمة (أو نَخَسها، ضَمِن وحده) لأنه المتسبب في جنايتها (دونهم) أي: دون الراكب، والسائق، والقائد (فإن جنت)


= عاصم في الديات ص/٨٣، وإبراهيم الحربي في غريب الحديث (٢/ ٤١٦)، والدارقطني (٣/ ١٨٧، ١٧٩)، والبيهقي (٨/ ٣٤٤)، والخطيب في الفصل للوصل (٢/ ٧٨٠)، عن هزيل بن شرحبيل، مرسلًا.
قال البيهقي: هذا مرسل، لا تقوم به حجة، ورواه قيس بن الربيع موصولًا بذكر: عن عبد الله بن مسعود فيه، قال: وقيس لا يحتج به.
(١) لم نقف على من أخرجه بهذا اللفظ، وانظر تخريج الحديث السابق.
(٢) نَفَحَت الناقة: ضربت برجلها. مختار الصحاح ص/ ٦٧٠، مادة (نفح).