للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحجِّ إذا مات قبله.

(وإن ماتَ وعليه صومٌ منذور في الذِّمَّة) كأن نَذَرَ صومَ شهر غير معيَّن، أو عشرة أيام مطلقة، ثم مات (ولم يَصُم منه شيئا مع إمكانه، ففعل عنه، أجزأ عنه) لما في "الصحيحين": "أن امرَأة جَاءَت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقالت: إن أمِّي ماتَت، وعليها صومُ نَذر، أفأصومُ عنها؟ قال: نعم" (١)؛ ولأن النيابة تدخل في العبادة بحسب خفتها، وهو أخف حكمًا من الواجب بأصل الشرع؛ لإيجابه من نفسه.

(فإن لم يُخَلِّف) الميتُ (تَرِكَة، لم يلزم الوليَّ شيءٌ، لكن يُسَنُّ له فِعلُه عنه؛ لتفرغ ذِمَّته، كقضاء دينه) لأنه - صلى الله عليه وسلم - شبَّهه بالدَّين.

(وإن خَلَّفَ) الميتُ (تَرِكَة، وجب) الفِعل، كقضاء الدَّين (فيفعله الوليُّ بنفسه استحبابًا) لأنه أحوط لبراءة الميت (فإن لم يفعلِ) الوليُّ بنفسه (وجب أن يدفع مِن تَرِكَتِهِ إلى مَن يصوم عنه عن كلِّ يوم طعام مسكين) لأن ذلك فِدية الصوم؛ لما تقدَّم.

(ويجزئ فِعل غيره) أي: الولي (عنه بإذنه وبدونه) لأن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - شبَّهه بالدَّين، والدَّين يصحُّ قضاؤه مِن الأجنبي، ولا فَرقَ في ذلك بين صوم النَّذرِ وغيره مِن النذور.

(وإن مات، وقد أمكنه صوم بعض ما نَذَره، قضي عنه ما أمكنه صومه فقط) كمَن نَذَرَ صوم شهر، ومات قبل مضي ثلاثين يومًا، فيصام عنه ما مضى منه، دون الباقي؛ لأنه لم يثبت في ذِمَّته، بخِلاف


(١) البخاري في الصوم، باب ٤٢، حديث ١٩٥٣، ومسلم في الصيام، حديث ١١٤٨ (١٥٦) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -.