للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

باب صريح الطلاق وكناياته

لا يقع الطلاق بغير لفظٍ، فلو نواه بقلبه من غير لفظٍ لم يقع، خلافًا لابن سيرين (١) والزهري (٢). ورُدَّ بقوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّ الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفُسها ما لم تعمل أو تتكلم به" متفق عليه (٣)؛ ولأنه إزالةُ ملكٍ، فلم يحصل بمجرد النية، كالعتق.

وانقسم اللفظ إلى: صريح، وكناية؛ لأنه لإزالة ملك النكاح، فكان له صريحٌ وكنايةٌ، كالعتق، والجامعُ بينهما الإزالةُ.

(الصريحُ: ما لا يحتمل غيرَه) أي: بحَسَب الوضع العُرفي (من كل شيء) وُضِع له اللفظُ: من طلاق وعتق وظِهار وغيرها، فلفظ "الطلاق" صريح فيه؛ لأنه لا يحتمل غيره في الحقيقةِ العُرفية، وإن قَبِلَ التأويلَ،


(١) قاله ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء (٤/ ١٧٥)، والحافظ في فتح الباري (٩/ ٣٩٤)، وأخرج عبدالرزاق (٦/ ٤١٢ - ٤١٣) رقم ١١٤٣٢، عن معمر: سأل رجل الحسن فقال: طلقت امرأتي في نفسي فقال: أخَرجَ من فيك شيء؟ قال: لا، قال: فليس بشيء. قال: وسأل قتادة، فقال له مثل قول الحسن، قال: فسأل ابن سيرين فقال: أوليس قد علم الله الذي في نفسك؟ قال: بلى، فلا: فلا أقول فيها شيئًا.
لكن روى عنه خلاف ذلك، فقد أخرج ابن أبي شيبة (٥/ ٥٣ - ٥٤)، عن ابن سيرين والحسن أنهما قالا: حديث النفس بالطلاق ليس بشيء، وقال ابن سيرين: لو لم يسأل كان أحبَّ إليَّ.
(٢) أورده ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء (٤/ ١٧٥)، وابن حزم في المحلى (١٠/ ١٩٩)، والحافظ في الفتح (٩/ ٣٩٤).
(٣) تقدم تخريجه (٥/ ٢٦١) تعليق رقم (٣)، و (٦/ ١٩١) تعليق رقم (٢).