للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورُدَّ: بأن الفسخ نقله إلى غيره، لا إبطاله من أصله، ولو سُلِّم فهو محمول على غير مسألتنا، قاله القاضي.

فإن قيل: هل يصحُّ -وإن لم يعتقد- فِعْل الحج من عامه؟

قيل: مَنَعه ابن عقيل وغيره. نقل ابن منصور (١): لابُدَّ أن يُهِلَّ بالحج من عامه، ليستفيد فضيلة التمتُّع؛ ولأنه على الفَوْر، فلا يؤخِّره لو لم يُحْرِم به، فكيف وقد أحرم به. واختلف كلام القاضي، وقدَّم الصحة؛ لأنه بالفسخ حصل على صفة يصح منه التمتُّع؛ ولأن العُمْرة لا تصير حجًّا، والحج يصير عُمْرة، كمن حُصر عن عرفة أو فاته الحج.

فإن كان المُفرِد والقارن ساقا الهَدي لم يفسخا؛ لما تقدم من قوله: "إلا من كانَ معه هَديٌ" (٢).

(أو) يكونا (وقفا بعرفة) فلا يفسخان، فإن من وقف بها أتى بمعظم الحجِّ، وأمِنَ من فوته بخلاف غيره (فلو فَسَخَا في الحالتين) أي: فيما إذا ساقا هديًا أو وقفا بعرقة (فَلَغوٌ) لما سبق، وهما باقيان على نُسُكهما الذي أحرما به.

(ولو ساق المتمتع هَديًا، لم يكن له أن يَحِلَّ) من عُمْرته (فَيُحرِمَ بحجٍّ إذا طاف وسعى لعُمْرته فبل تُحلُّلِه بالحَلْق، فإذا ذَبَحه يومَ النَّحْر، حلَّ منهما) أي: من الحج والعُمْرة معًا؛ لقول ابن عُمر: "تمتَّعَ النَّاسُ مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - بالعُمْرَةِ إلى الحجِّ، فقال: من كانَ معه هَديٌ فإنه لا يحلُّ من شيءٍ حرمَ عليه، حتى يقضِيَ حجَّهُ" (٣). ولأن التمتع أحد نوعي


(١) مسائل الكوسج (٥/ ٢٣٨٦) رقم ١٦٨٦.
(٢) تقدم تخريجه (٦/ ٩٤) تعليق رقم (٢).
(٣) أخرجه البخاري في الحج، باب ١٠٤، حديث ١٦٩١، ومسلم في الحج، حديث =