للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وذكرت ما يستغنى عنه، وعلى كل حال، فما ذكرت إلا طوافًا واحدًا، فمن أين يستدل به على طوافين؟! (قال) أبو الفَرَج عبد الرحمن زين الدين (ابن رجب (١): وهو الأصحُّ.

ثم يطوفُ للزيارةِ) سُمِّي بذلك؛ لأنه يأتي من منى فيزور البيت، ولا يقيم بمكة، بل يرجع إلى منى (ويُسمَّى الإفاضةَ) لأنه يفعل بعدها (و) يُسَمَّى (الصَّدَر) بفتح الصاد والدال المهملة، وهو رجوع المسافر من مقصده؛ لأنه يفعل بعده أيضًا، وما ذكره من أنه يُسَمَّى طواف الصَّدَر، قاله في "المطلع" و"الرعاية" و"المستوعب"، وقدَّمه الزركشي، وصحَّح في "الإنصاف" أن طوافَ الصَّدَر هو طواف الوداع، وتبعه في "المنتهى".

(ويُعيِّنُه) أي: طواف الزيارة (بنيته) لحديث: "إنما الأعمال بالنيات" (٢) وكالصلاة.

ويكون (بعد وقوفِه بعرفة) لأنه - صلى الله عليه وسلم - طاف كذلك، وقال: "لتأخُذُوا عنِّي منَاسكَكُمْ" (٣).

(وهو الطَّوافُ الواجبُ الذي به تمامُ الحَجِّ) فهو رُكن من أركانه، إجماعًا. قاله ابنُ عبد البر (٤)؛ لقوله تعالى: {ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (٥).

وعن عائشة قالت: "حَجَجْنا مع رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - فأفضْنَا يومَ


(١) القواعد الفقهية، القاعدة الثامنة عشرة ص/ ٢٥.
(٢) تقدم تخريجه (١/ ١٩٣)، تعليق رقم (٢).
(٣) تقدم تخريجه (٦/ ٢٤٢)، تعليق رقم (٤).
(٤) التمهيد (١٧/ ٢٦٧)، (٢٢/ ١٥١)، والاستذكار (١٣/ ٢٦٤)، والكافي (١/ ٣٥٩).
(٥) سورة الحج, الآية: ٢٩.