للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وعليه إيصاله) أي: الهدي مطلقًا (إلى فقراء الحرم) لقوله تعالى: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (١)، ولأن النذر يحمل على المعهود شرعًا، والمعهود في الهدي الواجب بالشرع - كهدي المتعة - ذَبْحُه بالحرم، فكذا يكون المنذور.

(ويبيع غير المنقول كالعقار، ويبعث ثمنه إلى الحرم) (٢) لتعذر إهدائه بعينه، فانصرف إلى بدله، يؤيده ما رُوي عن ابن عمر: "أن رجُلًا سألَهُ عن امرأةٍ نَذَرَتْ أن تُهْدِي دارًا، قال: تبيعُهَا وتَتَصَدَّقُ بِثمنها على فُقراءِ الحرمِ" (٣). (وقال) أبو الوفاء علي (بن عقيل: أو يقوِّمه) أي: العقار (ويبعث القيمة) إلى فقراء الحرم؛ لأن الغرض القيمة التي هي بدله، لا نفس البيع.

(إلا أن يعينه) أي: المنذور (لموضع سوى الحرم، فيلزمه ذَبْحه فيه) أي: في الموضع الذي عيَّنه (وتفرقة لحمه على مساكينه) أي: مساكين ذلك الموضع (أو إطلاقه لهم) أي: لمساكينه (إلا أن يكون الموضع) الذي عيَّنه (به صنم، أو شيء من أمر الكفر، أو المعاصي كبيوت النار والكنائس ونحوها، فلا يوفِّ به) أي: بنذره؛ لما روى أبو داود: "أن رجلًا سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني نذرت أن أذبح بالأبواء، قال: أَبِهَا صَنَمٌ؟ قال: لا، قال: أوفِ بنذرك" (٤).


(١) سورة الحج، الآية: ٣٣.
(٢) في الإقناع (٢/ ٥٠): "فقراء الحرم".
(٣) لم نقف على من أخرجه، وأورده الموفق في المغني (١٣/ ٦٤٢).
(٤) أبو داود في الأيمان والنذور، باب ٢٧، حديث ٣٣١٣، عن ثابت بن الضحاك - رضي الله عنه - بنحوه، وفيه: ببوانة. وأخرجه - أيضًا - الطبراني في الكبير (٢/ ٧٥) حديث ١٣٤١، والبيهقي (١٠/ ٨٣). وصحَّح إسناده ابن الملقِّن في خلاصة البدر المنير =