للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لذلك (ثم نوى عند العقد غير ما شرطوا عليه، وأنه نكاح رغبة؛ صحَّ؛ قاله الموفَّق وغيرُه) وعلى هذا يُحمل حديث ذي الرقعتين، وهو ما روى أبو حفص بإسناده، عن محمد بن سيرين قال: "قدم مكةَ رجلٌ، ومعه إخوة له صغار، وعليه إزارٌ، من بين يديه رُقْعةٌ، ومن خلفه رُقْعةٌ، فسأل عمرَ، فلم يُعْطه شيئًا، فبينما هو كذلك، إذ نَزَغَ الشيطانُ بين رجل من قريش وبين امرأته فطلَّقها ثلاثًا، فقال: هل لكِ أن تُعطي ذا الرقْعَتين شيئًا ويُحِلُّكِ لي؟ قالت: نعم إنْ شئْتَ، فأخبروه بذلك، قال: نعم، فتزوَّجها، فدخل بها، فلمَّا أصبحتْ، أدخلتْ إخْوَته الدَّار، فجاء القُرشيُّ يحومُ حول الدَّار، وقال: يا ويله غلب على امرأته، فأتى عمر فقال: يا أمير المؤمنين، غُلبتُ على امرأتي. قال: من غلبَك؟ قال: ذو الرُّقْعَتين. قال: أرسلوا إليه، فلما جاءه الرَّسولُ، قالت له المرأة: كيف موضِعُك من قومك؟ قال: ليس بموضعي بأس. قالت: إنَّ أمير المؤمنين يقول لك: طلِّق امرأتَك، فقل: لا والله لا أطلِّقُها؛ فإنّه لا يُكرِهُك، فألْبسته حُلَّة، فلمّا رآه عمرُ من بعيد، قال: الحمد لله الذي رزق ذا الرُّقعتين، فدخل عليه، فقال: أتُطلِّق امرأتَك؟ قال: لا والله لا أُطلِّقها، قال عمر: لو طلَّقتها لأوجعت رأسكَ بالسّوْط" (١). ورواه أيضًا سعيد (٢) بسنده بنحوٍ من هذا، وقال: "مِنْ أهلِ المدينةِ".

(والقول قوله) أي: الثاني (في نيَّته) إذا إدَّعى أنَّه رجع عن شرط


(١) أخرجه الشافعي في الأم (٥/ ٨٠ - ٨١)، وعبد الرزاق (٦/ ٢٦٧) رقم ١٠٧٨٦ - ١٠٧٨٨، وسعيد بن منصور (٢/ ٥٢) رقم ١٩٩٩، وحرب في مسائله ص/ ٨٧، والبيهقي (٧/ ٢٠٩)، وفي معرفة السنن والآثار (١٠/ ١٨٢) رقم ١٤١٢٤، مختصرًا ومطولًا.
(٢) (٢/ ٥٢) رقم ١٩٩٩.