للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهو حسن، لكن يرد عليه خبر يعلى وعمر السابق؛ لأن ظاهر ما فهماه قصر العدد بالخوف، والنَّبي - صلى الله عليه وسلم - أقر على ذلك.

(من ابتدأ سفرًا) أي شرع فيه (واجبًا أو مستحبًا، كسفر الحج، والجهاد، والهجرة، والعمرة) فالسفر للواجب من ذلك واجب، وللمندوب منه مندوب (و) كالسفر (لزيارة الإخوان، وعيادة المرضى، وزيارة أحد المسجدين) أي مسجد النَّبيِّ - صلى الله عليه وسلم - والأقصى. وأما زيارة المسجد الحرام فقد تقدمت، وسيأتي الكلام عليها في الحج والعمرة. وهذه أمثلة للمستحب، إلا إن نذرها فتكون واجبة (و) زيارة (الوالدين) أو أحدهما.

(أو) ابتدأ سفرًا (مباحًا ولو لنزهة، أو فرجة، أو تاجرًا، ولو) كان (مكاثرًا في الدنيا) قال في "الفروع": أطلق أصحابنا إباحة السفر للتجارة، ولعل المراد غير مكاثر في الدنيا، وأنه يكره، وحرمه في "المبهج". قال ابن تميم: وفيه نظر. وللطبراني بإسناد حسن عن مكحول عن أبي هريرة مرفوعًا: ومن طلب الدنيا حلالًا مكاثرًا، لقي الله وهو عليه غضبان" (١). ومكحول لم يسمع من أبي هريرة.

وأما سورة {أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} فتدل على التحريم لمن شغله عن عبادة واجبة، والتكاثر مظنة لذلك أو محتمل لذلك، فيكره. وقد قال ابن حزم (٢):


(١) رواه الطبراني في مسند الشاميين (٤/ ٣٣٠) حديث ٣٤٦٥. وأخرجه - أيضًا - ابن أبي شيبة (٧/ ١٦ - ١٧)، وعبد بن حميد (٣/ ٢٠١) حديث ١٤٣١، وأبو يعلى كما في المطالب العالية (٣/ ٤١١)، وأبو نعيم في الحلية (٣/ ١١٠، ٨/ ٢١٥)، والبيهقي في شعب الإيمان (٧/ ٢٩٨) حديث ١٠٣٧٤، ١٠٣٧٥.
قال العراقي في تخريج الإحياء (٣/ ٢١٧): سنده ضعيف. وقال الحافظ في المطالب (٣/ ٣١١): هذا منقطع بين مكحول وأبي هريرة - رضي الله عنه -.
(٢) مراتب الإجماع ص/ ١٥٥.