للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ثم الأتقى والأورع) لقوله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} (١) فيقدم على الأعمر للمسجد؛ لأن مقصود الصلاة هو الخضوع، ورجاء إجابة الدعاء، والأتقى والأورع أقرب إلى ذلك. قال القشيري في رسالته (٢): الورع اجتناب الشبهات. زاد القاضي عياض في "المشارق": خوفًا من الله تعالى. وتقدم الكلام على التقوى والزهد في الخطبة.

قال ابن القيم (٣): الفرق بين الزهد والورع: إن الزهد ترك ما لا ينفع في الآخرة، والورع ترك ما يخشى ضرره في الآخرة.

(ثم) إن استووا في ذلك يقدم (من يختاره الجيران المصلون، أو كان أعمر للمسجد) هذه طريقة لبعض الأصحاب، منهم صاحب "الفصول" و"الشارح", و"المذهب", كما في "المقنع" و"المنتهى" وغيرهما: يقرع.

(ثم قرعة) مع التشاح؛ لأن سعدًا أقرع بين الناس يوم القادسية في تقدم الأذان (٤). والإمامة أولى؛ ولأنهم تساووا في الاستحقاق وتعذر الجمع، فأقرع بينهم كسائر الحقوق.

(فإن تقدم المفضول) على الفاضل بلا إذنه (جاز) أي صحت إمامته (وكره) لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أم الرجل القومَ وفيهم من هو خيرٌ منه لم يزالوا في سفال" (٥) ذكره الإمام أحمد في "رسالته" (٦).


(١) سورة الحجرات، الآية: ١٣.
(٢) ص/ ٥٨.
(٣) الفوائد ص/ ٢١٥.
(٤) تقدم تخريجه (٢/ ٤٦) تعليق رقم ٢.
(٥) رواه العقيلي في الضعفاء (٤/ ٣٥٥) في ترجمة الهيثم بن غلاب، وابن عدي (٢/ ٧٨٩)، في ترجمة حفص بن سليمان بن حفص الغاضري، والطبراني في الأوسط (٥/ ٢٩٤) حديث ٤٥٧٩ من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما -. قال العقيلي: الهيثم بن غلاب كوفي مجهول بالنقل، حديثه غير محفوظ، ولا يعرف إلا به.
(٦) الرسالة السنية ص/ ١٣.