للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ومن أراد الصدقةَ بماله كلِّه -وهو وحده-) أي: لا عيال له (ويعلم من نفسه حُسنَ التوكُّل) أي: الثقة بما عند الله، واليأس مما في أيدى الناس (والصبرَ عن المسألة، فله ذلك، أي: يُستحبُّ) له ذلك (وإن لم يعلم) من نفسه (ذلك) أي: حسن التوكل والصبر (حَرُمَ) عليه ذلك (ويُمنعُ منه، ويُحجرُ عليه) لتبذيره.

روى جابر قال: "كنَّا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ جاءَ رجلٌ بمثلِ بيضَةَ من ذهَب، فقال: يا رسولَ الله، أصبْتُ هذِهِ من معدِنٍ فخذْهَا، فهِيَ صدقَةٌ مَا أملِكُ غيرَهَا، فأعرضَ عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فأتاهُ من قِبَلِ ركْنِه الأيمَنِ، فقال مثلَ ذلِكَ، فأعرضَ عنهُ، ثم أتاهُ من قِبَلِ ركنِهِ الأيسَرِ، فأعرضَ عنهُ، ثم أتاهُ من خَلْفِهِ، فأخذها رسولُ اللهِ فحذَفَهُ بهَا، فلو أصابَتهُ لأوْجَعَتْهُ، أو لَعَقرتهُ. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يَأتِي أحدُكُمْ بمَا يمْلِكُ فيقولُ: هذِهِ صدقةٌ، ثم يَقْعُدُ يسْتَكِفُّ (١) النَّاسَ، خيرُ الصدقَةِ ما كانَ عن ظَهْرِ (٢) غنى". رواه أبو داود (٣)، وفي رواية: "خذْ مَالكَ عنّا


(١) "أي: يتعرض للصدقة فيأخذها ببطن كفه، يقال: تكفف، واستكف: إذا فعل ذلك" ش.
(٢) "لفظة ظهر زائدة لإشباع الكلام" ش.
(٣) في الزكاة، باب ٣٩، حديث ١٦٧٣. وأخرجه -أيضًا- عبد بن حميد (٣/ ٦١)، حديث، ١١١٩ والدارمي في الزكاة، باب ٢٥، حديث ١٦٦٦، وأبو يعلى (٤/ ٦٥) حديث ٢٠٨٤، وابن خزيمة (٤/ ٩٨) حديث ٢٤٤١، وابن حبان "الإحسان" (٨/ ١٦٥) حديث ٣٣٧٢، والحاكم (١/ ٤١٣)، والبيهقي (٤/ ١٨١) وفي شعب الإيمان (٣/ ٢٣٥) حديث ٣٤١٧، وابن حجر في تغليق التعليق (٣/ ٣٢٢). قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم. ووافقه الذهبي. وقال ابن حجر: رجال إسناده ثقات، وإنما علته عنعنة ابن إسحاق، لكي وجدته في مسند أبي يعلى قال: … عن محمد بن إسحاق حدثني عاصم فذكره.