للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فصل

و (الكثير قلتان فصاعدًا) لأن خبر القلتين دل بمنطوقه على دفعهما النجاسة عن أنفسهما، وبمفهومه على نجاسة ما لم يبلغهما. فلذلك جعلناهما حدًا للكثير، وهما تثنية قلة. هي اسم لكل ما ارتفع وعلا، ومنه: قلة الجبل. والمراد هنا الجرة الكبيرة، وسميت قلة لارتفاعها وعلوها، أو لأن الرجل العظيم يقلها بيده أي: يرفعها، والتحديد وقع بقلال "هجر" قرية كانت قرب المدينة، لما روى الخطابي بإسناده إلى ابن جريج عن النبي - صلى الله عليه وسلم - مرسلًا: "إذا كانَ الماءُ قُلَّتَيْنِ بِقِلالِ هَجَرَ" (١) وفي حديث الإسراء: "ثم رُفعتْ لي سِدرة المنتهَى، فإذا وَرَقُها مثلُ آذانِ الفيلَةِ، وإذا نَبِقُهَا مثلُ قِلالِ هَجَر" رواه البخاري (٢)، ولأنها مشهورة الصفة معلومة المقدار، لا تختلف كالصيعان (واليسير دونهما) أي: دون القلتين.

(وهما) أي: القلتان (خمسمائة رطل عراقي) لقول عبد الملك بن جريج: رأيت قلال هجر فرأيت القلة تسع قربتين أو قربتين وشيئًا. والاحتياط


(١) "معالم السنن" (١/ ٣٥).
ورواه الدارقطني: (١/ ٢٤) من طريق ابن جريج مرسلًا، ولم ترد هذه الزيادة مرفوعة إلا من طريق المغيرة بن سقلاب بسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما. أخرجه ابن عدي في ترجمة المغيرة (٦/ ٢٣٥٨)، وقال: لا يتابع على عامة حديثه. وقال الحافظ في "التلخيص": (١/ ٢٩): منكر الحديث. وأشار إلى عدم صحة الحديث بهذه الزيادة. وتقدم تخريجه: ص / ٦٠ تعليق ١ مرفوعًا دون زيادة "بقلال هجر".
(٢) من حديث مالك بن صعصعة مطولًا في مناقب الأنصار، باب ٤٢، حديث ٣٨٨٧.