للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(ولا يجوز لمن تلزمه) الجمعة (السفر في يومها بعد الزوال حتى يصليها) لتركها بعد الوجوب، كما لو تركها لتجارة، بخلاف غيرها (إلا أن يخاف فوت رفقته) بسفر مباح، فإن ذلك عذر يسقط وجوبها، كما تقدم.

(ويجوز) لمن تلزمه الجمعة السفر (قبله) أي قبل الزوال بعد طلوع الفجر؛ لما روى الشافعي، عن سفيان بن عيينة، عن الأسود بن قيس، عن أبيه، عن عمر قال: "لا تحبس الجمعةُ عن سفرٍ" (١) وكما لو سافر من الليل (مع الكراهة) لحديث الدارقطني عن ابن عمر، أن النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: "من سافر


= (٣/ ٢٤٨)، عن الحسن، عن سمرة مرفوعًا. ورواه أبو داود - أيضًا - في الصلاة، باب ٢١١، حديث ١٠٥٤، وفي مسائله ص/ ٢٩٦، والحاكم (١/ ٢٨٠)، والبيهقي (٣/ ٢٤٨) عن قدامة بن وبرة مرسلًا بلفظ: من فاتته الجمعة بغير عذر فليتصدق بدرهم أو نصف درهم، أو صاع حنطة، أو نصف صاع.
تردد ابن خزيمة في الحكم على الحديث بالصحة. وقال أبو حاتم في العلل لابنه (١/ ١٩٦): وهو حديث صالح الإسناد. وقال الحاكم: "صحيح الإسناد . . .". ووافقه الذهبي. وسئل الإمام أحمد عن هذا الحديث، فقال: قدامة بن وبرة، لا يعرف. (انظر العلل ومعرفة الرجال ١/ ٢٥٦ رقم ٣٦٧، وتهذيب الكمال (٢٣/ ٥٥٦). وقال البخاري في التاريخ الكبير (٤/ ١٧٧): ولا يصح حديث قدامة في الجمعة. وقال ابن الجوزي في العلل المتناهية (١/ ٤٧٠): لا يصح. وقال النووي في المجموع (٤/ ٤١١): هذا حديث ضعيف الإسناد، مضطرب، منقطع. وذكره السيوطي في الجامع الصغير (٦/ ١٠١ مع الفيض) بألفاظه المختلفة، ورمز لصحته. وتعقبه المناوي في فيض القدير (٦/ ١٠١) بقوله: قال الدميري: اتفقوا على ضعف هذه الروايات كلها، وقول الحاكم: حديث ضعيف [كذا في المطبوع ولعل الصواب: صحيح] مردود، وهذا مع ما قبله اضطراب يضعف لأجله.
(١) الشافعي "ترتيب مسنده" (١/ ١٥٠). ورواه - أيضًا - عبد الرزاق (٣/ ٢٥٠) رقم ٥٥٣٧، وابن أبي شيبة (٢/ ١٠٥)، وابن المنذر (٤/ ٢١، ٥٢) رقم ١٧٣٧، ١٧٨٦، والبيهقي (٣/ ١٨٧).